للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ تُحْذَفُ إِحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ؛ لِلْعِلْمِ بِهَا.

"الوضوء عبادة": حكم مؤلَّف خاصٌّ بالوضوء، و"كل عبادة بِنِيَّةٍ": حكم عام للوضوء وغيره؛ فينتفى (١) الوضوء وغيره.

الشرح: "وقد تحذف (٢) إحدى المقدمتين؛ للعلم بها" (٣)؛ فالكبرى مثل: الوضوءُ لا يصح بدون النِّيَّة؛ لأنه عبادة؛ والصغرى مثل: الوضوء يحتاجُ إلى النِّيَّة؛ لأن كلّ عبادة تحتاج (٤) إليها؛ ومنه قوله وقد أذَّن زِيَادُ بْنُ الحَارِثِ الصُّدَائي (٥) للفجر، وأراد


(١) في ت: فيلتقي.
(٢) في ب، ت: يحذف.
(٣) وقد تحذف إحدى المقدمتين للبرهان للعلم بها، فالكبرى مثل: هذا يُحدُّ لأنه زانٍ، والصغرى مثل: هذا يحدُّ؛ لأن كل زان يُحَدّ، ومنه قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾.
ولا بُدَّ في انتهاء المقدمات القطعية إلى الضروريات، وهي أنواع:
الأول: المشاهدات الباطنة، وتسمّى الوجدانيات، وهي ما لا تفتقر إلى عقل، كجوع الإنسان وعطشه، ولذّته وألمه؛ فإن البهائم تدرك.
الثاني: الأوليات، وهي ما يحصل بمجرد العقل، ولا يشترط فيه إلَّا تصوّر الطرفين، والالتفات إلى النسبة، كعلم الإنسان بأنه موجود، وأن النقيضبن يصدق أحدهما، فلا يصدقان معًا ولا يكذبان.
الثالث: المحسوسات، وهي ما يحصل بالحس الظاهر، أعني المشاعر الخمس، كالعلم بأن النار حارة والشمس مضيئة.
الرابع: التجريبات، وهو ما يحصل بالعادة، أعني بتكرر الترتيب من غير علاقة عقلية، وقد يخص كعلم الطبّ بإسهال المسهلات، وقد تعم كعلم العامة بأن الخير مسكر.
الخامس: المتواترات، وهي ما يحصل بنفس الأخبار تواترًا، كالعلم بوجود مكة وبغداد لمن لا يراهما.
وأمَّا المقدمات الظنية فأنواع:
الحدسيات، كما شاهدنا نور القمر يزداد وينقص بقربه وبعده من الشمس، فنظن بأنه مستفادٌ منها، والمشهورات، كحسن الصدق والعدل، وقبح الكذب والظلم، وكالتجريبات الناقصة والمحسوسات الناقصة، والوهميات ما يتخيل بمجرد الفطرة بدون نظر العقل أنه من الأوليات مثل: كل موجود متحيًز، والمسلمات ما يسلمه الناظر من غيره.
(٤) في ت: يحتاج.
(٥) زياد بن الحارث الصُّدَائي. صحابي له حديث، وعنه زياد بن ربيعة فقط. ينظر: تهذيب التهذيب ٣/ ٣٥٩، والإصابة ٢/ ٥٨٢، والاستيعاب ٢/ ٥٣٠، وأسماء الصحابة الرواة ت ٣٣٩، ٩٥٦، وأسد الغابة ٢/ ٢٦٩، وتقريب التهذبب ١/ ٢٦٦، وتجريد أسماء الصحابة ١/ ١٩٤، والثقات ٣/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>