للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَوْ كَانَتْ كَذلِكَ، لَفَهَّمَهَا الْمُكَلَّفَ، وَلَوْ فَهَّمَهَا، لَنُقِلَ؛ لأَنَّا مُكَلَّفُونَ مِثْلَهُمْ، وَالآحَادُ لَا تُفِيدُ، وَلَا تَوَاتُرَ؛ وَالْجَوَابُ: أَنَّهَا فُهِمَتْ بِالتَّفْهِيمِ بِالْقَرَائِنِ، كَالْأَطْفَالِ.

ولا يقال: تبادره، إنما يكون بِسَبْقِ حقيقةٍ عرفية، وهي منتفيةٌ، أو شرعيةٍ، وهي المدعَى؛ لأنه قد يتبادر، لا مع واحد من هذين.

واستدلّ "القاضي" على نَفْي الحقيقة الشرعية؛ بأنه "لو كانت كذلك"، أي: موضوعة بالشَّرع، "لفهَّمها" الشَّارع "المكلَّفَ" قبل أن يخاطِبَ بها، وإلا يلزم الخِطَاب بما لا يفهم، وهو تكليف بما لا يُطَاق، "ولو فهَّمها" للمكلَّفين، "لنقل" إلينا؛ "لأننا مكلَّفون مثلَهم"، أي: مثل الموحِّدين في زمن النبي .

والنقل: إما متواتر أو آحاد، "والآحاد لا تفيد" (١)؛ إذ المسألة علمية.

قال القاضي في (التقريب): بل لا يقدر أحدٌ أن يروي حرفًا في ذلك عن الرسول .

"ولا تواتُرَ" اتفاقًا.

"والجواب": سلمنا أنه لا بُدّ من التفهُّم، [ولكن] (٢) لِمَ حصرت التَّفَهُّم في النقل؟ فنقول: "إنها فُهِمت: بالتفهيم بالقرائن؛ كالأطفال"؛ حيث يعرفون مدلول اللَّفْظ من غَيْر نصٍّ عندهم.

وهذا الجواب على تقدير تسليم المُلَازمة، وقد منعها أخي الإمام أبو حَامِدٍ - سلّمه الله - في قطعة [وقفت] (٣) عليها من كلامه على الحقيقة الشرعية؛ موجِّهًا بأنه قد كلَّف بالصلاة من لا يفهمُ موضوعها شرعًا، فيقال له: صَلِّ؛ ولا تجزئ صلاتك إلا إذا فعلت كَيْتَ وكَيْتَ.

أما دخول تلك الأمور في مسمى الصلاة بالوضعِ الشَّرعي، أو عدمِهِ، فليس من التَّكليف.

قال: ولا نعلم أحدًا قال: إن من شرط الصلاة أن يعرف المصلِّي الركْنَ من [الشرط] (٤).

ولقائل أن يقول: أما أن ذلك ليس من شرط الصلاة، فلا ريب فيه، بل ولا [تجب] (٥) معرفته على مجموع العاملين.

وأما أصل وجوب معرفته، فهو من علوم [الشريعة] (٦) التي يجب حملها، ولا وجه لمنع المُلَازمة، مع ثبوت أصل الوجوب.

وقول المصنِّف "بالتفهيم" حشوٌ، ولو قال: فهمت بالقرائن فقط، حصل غرضه، ثم إن


(١) في أ، ب، ج، ح: فلا يفيد.
(٢) في ب: ولكنها.
(٣) في أ، ح: وقعت.
(٤) في ح: الشروط.
(٥) في أ، ج، ح: يجب.
(٦) في ح: الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>