للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: لَوْ كَانَتْ، لَكَانَتْ غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ؛ لأِنَّهُمْ لَمْ يَضَعُوهَا، وَأَمَّا الصُّغْرَى؛ فَلأِنَّهُ يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا؛ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ؛ بِوَضْعِ الشَّارعِ لَهَا مَجَازًا، .............

القاضي ومتابعيه ذكروا دليلًا آخر؛ وهو في كتاب (التقريب) مقدَّم في الذِّكر على الاحتجاج السَّابق.

الشرح: "قالوا: لو كانت" حقائقَ شرعيةً، "لكانت غير عَرَبِيَّة؛ لأنهم"؛ أي: العرب، "لم يضعوها، والتالي (١) باطل، فكذا المقدَّم.

أما الشرطية؛ فلأن العربي هو اللّفظ الموضوع لما خصَّصته به العرب، وليست هذه الألفاظُ كذلك.

"وأما الصغرى"؛ كذا بخط المصنّف، وفي بعض النسخ (الثانيةُ)، والمراد: بطلان التالي - "فإنه يلزم ألا يكون [القرآن] (٢) عربيًّا"؛ لاشتماله عليها؛ لكنه عربي؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [سورة يوسف: الآية، ٢].

قال القاضي: ولإطباق الأمة على أنا لم نخاطَب إِلَّا باللِّسان العربي.

"وأجيب" بمنع الشَّرْطية؛ فليس من شرط العربي أن يضعه العرب لذلك المعنى؛ بل اللفظُ الذي تضعه العرب لمعنى مناسبٍ للمعنى الموضوع تجوُّزًا (٣): يسمى عربيًّا؛ وهو معنى قوله: "بأنها عربية؛ بوضع الشَّارع لها مجازًا".

والضمير في قوله: (لها) - عائدٌ على المَعَاني الشرعية؛ وقَوَّاه بـ (اللام)؛ لأن المصدر يقوى بـ (اللام)؛ لضعف عمله عن عمل الفعل.

والحاصل: أن المجاز عربيٌّ، والحقائق الشرعية مَجَازاتٌ.

فإن قلت: إنما يكون من اللُّغة المَجَازُ الذي تكلَّمت به العرب.

قلت: تقدم أنه لا يشترط النقل في الآحاد، وأن استعمال العرب لأصل العلاقة كافٍ في نسبة المجاز لها.

ومن هذا يعلم أن قوله: (مجازًا) يتعلق بوضع الشارع، لا بقوله (بأنها عربية)؛ ولك منع الملازمة بِوَجْهٍ آخر؛ وهو أن الشرعية عربيةٌ بوضعِ أفصحِ مَنْ نطق بالضاد ؛ وهو سيّد العرب العرباء.


(١) في ص: والثاني.
(٢) في ب، ح: القرائن، وهو تحريف.
(٣) في ت: يجوز أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>