للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ ضَمِيرُ السُّورَةِ، وَيَصِحُّ إِطْلَاقُ اسْمِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا؛ كَالْمَاءِ وَالْعَسَلِ، بِخِلَافِ نَحْوِ: الْمِائَةِ، وَالرَّغِيفِ، .......................................................

فإن قلت: فلتكن لغويةً.

قلت: اللغويُّ لم يلاحِظْ فيه الوضعَ الأصْلي.

"أو" يمنع بطلان التالي، ونقول: " ﴿أنزلناه﴾ (١) ضميرٌ للسورة"؛ أي: الضمير في (أنزلناه) للسورة، لا للقرآن، "ويصح إطلاق اسم القرآن عليها؛ كالماء، والعَسَل"؛ إذ يطلق كل منهما على قليله، وكثيره؛ "بخلاف نحو: المائة، والرغيف"؛ إذ لا يطلق على البَعْضِ.

وحاصله: أن القرآن اسمُ جنسٍ صادقٌ على القليل منه، والكثير؛ ولذلك (٢) [فـ]ــإنَّ الحالف؛ لا يقرأ القرآن - يحنث بقراءة البعض.

ولقائل أن يقول: لا نسلم أن القرآن اسمُ جنسٍ (٣) -، وإنما هو علمٌ على الكتاب العزيز، وهذا ما ذكره البَيْضَاوي في (مِرْصَاده)؛ بحثًا، ونقله أخي الإمام أبو حامد عن أبي علي الفارسي (٤)، وهو الذي يصح عن الشَّافعي، .

وقاله إسماعيل بن قُسْطَنْطِين (٥) الذي قرأ عليه الشَّافعي.

والإمام الرَّازي قال: إنه اسم للمجموع، وقولهم: الحالف لا يقرأ القرآن يحنثُ بالبعض -


(١) في ج: إنا أنزلناه.
(٢) في ح: وكذلك.
(٣) في ح: للجنس.
(٤) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل، أبو علي: أحد الأئمة في علم العربية، ولد في "فسا" "من أعمال فارس" ودخل بغداد سنة ٣٠٧ هـ، وتجوَّل في كثير من البلدان، وقد طلب سنة ٣٤١ هـ، فأقام مدة عند سيف الدولة. وعاد إلى فارس، فصحب عضد الدولة ابن بويه، وتقدَّم عنده، فعلمه النحو، وصنَّف له كتاب "الإيضاح" في قواعد العربية، ولد سنة ٢٨٨ هـ، وتوفي سنة ٣٧٧ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ١/ ١٣١ ونزهة الألبا ٣٨٧، والأعلام ٢/ ١٧٩.
(٥) أبو إسحاق إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المخزومي، مولاهم المكي، المعروف بـ "القسط" مقرئ مكة. ولد سنة ١٠٠ هـ، وقرأ على ابن كثير وعلى صاحبيه: شبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، وأقرأ الناس زمانًا، وكان ثقة ضابطًا، قرأ عليه الإمام محمد بن إدريس الشافعي ومحمد بن سبعون، وعكرمة بن سليمان، وروى عنه القراءة أحمد بن موسى اللؤلؤي، وفي سند البزي عن ابن كثير نفسه، وفي سند قنبل عن شبل ومعروف عن ابن كثير، قال الذهبي: والقولان صحيحان. ثم جمع بينهما. توفي سنة ١٧٠ هـ.
ينظر: غاية النهاية ١/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>