للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في حكم الجزئية؛ والمعنيُّ بالمُهْمَلَةِ هنا - ما هو أعم من الطبيعية؛ كقولنا: الإنسانُ جنسٌ، وغيرِها؛ كـ: الإنسانُ في خُسْر.

والثاني: أنه إنما أنْتَجَ أن العبادات الإيمانُ؛ لأن (١) [الإيمانَ] (٢) العباداتُ الذي هو المطلوبُ؛ وفرقٌ بينهما؛ لأنَّ قولنا: العباداتُ الإيمان، ينعكس إلى قولنا: بعض الإيمان عباداتٌ؛ فلم يثبت بذلك: الإيمانُ العبادات، بل أنَّ بعضَ الإيمانِ العباداتُ.

والجواب: أن المنطقيين لم يريدوا بكون المُهْملة في قُوَّة الجزئية - كونَها جزئيَّة أبدًا؛ كما عرفناك (٣) عند قول المصنّف: (والمُحَقَّقُ في المهملة [في قوَّة] (٤) الجزئيَّة).

ولو أرادوا ذلك (٥)، لخالفوا ما قرره غيرهم من اشتمالها على صِيغَةِ العموم؛ كقولك: الإنسان حيوان"، والقضايا التي اقتصروا على ذكرها لم يدَّعوا انتفاء الدلالة في غيرها، بل أخذوا المحقَّق المطَّرِد، وأهملوا غيره، وأحالوه في كل مادة على تصرُّف يليق بأهله.

والمهملة يتحقَّق (٦) فيها الجزئية، ثم قد يدلّ قطعيٌّ على إرادة العموم من الألف واللام، فتكون المهملةُ كلية قطعًا، فتكون صالحة لكبرى الأول في البراهين القطعية، وقد يدلّ عليه دليلٌ ظنّي؛ فيصلح لكُبْرَاه في الأدلة الظنية؛ فاعرف ذلك، ينفعك في أماكن كثيرةٍ، ويظهر لك به الجواب عن السؤال الثاني، فقولهم بانعكاس الكلية الموجبة إلى جزئية، ليس معناه أنها لا يمكن أن تنعكس كلية.

ولو أرادوا ذلك، لخالفوا القاعِدَةَ المجمَع عليها في علمي النَّحْو والبيان؛ من أن خبر المبتدأ تارة يكون مساويًا له، وتارة يكون أعمَّ - ولبَطَلَ الإخبار بأحد المترادفين عن الآخَر، وإنما يريدون أن المحقَّق في الانعكاس هو الجزئية؛ لاحتمال كون الخبر أعم؛: الإنسانُ حيوانٌ، فالانعكاس حيئذ قاصرٌ على الجزئية، وقد يكون الخبر مساويًا؛ فيكون الحكم غير قاصر على الجزئية؛ كـ: الإنسانُ ناطقٌ؛ فإنه ينعكس إلى: بعضُ الناطقِ إنسانٌ، والحكم غير قاصر عليها، بل يصدق كلية؛ لصحة: كلُّ الناطق إنسانٌ.


(١) في أ، ب،: لا أن.
(٢) في ت: عرفنا.
(٣) سقط في ح.
(٤) سقط في أ، ب، ج، ح.
(٥) في حاشية ج: على معنى قولهم: المهملة في قوة الجزئية، وعلى المراد بقولهم: إن الكلية تنعكس جزئية.
(٦) في ح: تتحقق.

<<  <  ج: ص:  >  >>