للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّبِيذِ؛ لِلتَّخْمِيرِ، وَالسَّارِقِ لِلنَّبَّاشِ، لِلأَخْذِ خُفْيَةً، وَالزَّانِي لِلَّائِطِ؛ لِلإِيلَاجِ الْمُحَرَّمِ؛ إِلَّا بِنَقْلٍ، أَوِ اسْتِقْرَاءِ التَّعَمِيمِ.

لَنَا: إِثْبَاتُ اللُّغَةِ بِالْمُحْتَمَلِ.

قَالُوا: دَارَ الاسْمُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا؛ قُلْنَا: وَدَارَ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الْعِنَبِ، وَكَوْنِهِ مَالَ الْحَيِّ، وَقُبُلًا.

والسَّارق للنباش؛ للأخذ خفية، والزَّاني لِلَّائِطِ؛ لِلإِيلَاجِ الْمُحَرَّمِ"؛ "إلا" أن يثبت شيء من هذه الصور "بنقل، أو استقراء لتعميم"؛ فيخرج عن محل النزاع، ولا يكون من أمثلة ما نحن فيه، وفائدةُ القياس في اللُّغَةُ؛ أنه يدعَى دخولُ النبيذِ، والنَّباش، واللَّائطِ تحت عمومِ لفظ: الخَمْرِ، والسَّارق، والزَّاني؛ لانسحاب الاسم عليه قياسًا، فافهمه (١).

الشرح: "لنا": أن القياس في اللُّغَةُ: "إثباتُ اللُّغَةُ بالمحتمَلِ"؛ لأنَّهُ يحتمل التصريحَ بمنعه؛ كما يحتمل باعتباره؛ بدليل منعهم طرد الأدْهَمِ، والقَارُورَة، وما لا ينحصر؛ فيبقى عند السكوت على الاحتمال، ومجردُ احتمالِ وضع اللَّفظ للمعنَى لا يصحِّح الحكمَ بالوضعِ؛ للتحكُّم؛ ولئلا يلزم الحكم بالوضع من غير قياس؛ [كقيام الاحتمال.

ولك أن تقول: بل هو إثباتٌ بالظَّاهر؛ فلا تحكُّم، ولا يلزم الوضع من غير قياس] (٢).

الشرح: "قالوا: دَارَ الاسم" - كالخمر مثلًا - "معه أي: مع المعنى؛ كالتَّخْمير؛ "وجودًا" في ماء العنب المسكرِ، "وعدمًا" في غيره؛ والدَّوَرَان دليلٌ أنه متى تحقّق المعنى، تحقّق الاسم.

"قلنا: [و] دار" مع ما ذكرتم، ودار أيضًا "مع كونه من العنب" في الخَمْرِ، "وكونهِ مال الحَيِّ" في السرقة، "وقُبُلًا" في الزنا، فإذا كان الدَّوَران علَّةً، وقد دار فيما ذكرتموه، وفيما ذكرناه - كان المعنى الذي ذكرتموه جزء العلة؛ فلا يستلزم.

ولك أن تقول: إنما تعلُّقنا بدوران الوصف المُنَاسب، وما ذكرتموه غيرُ مناسب؛ فكان ما ذكرناه علَّة تامَّة؛ لأن التحقيق أن الدَّوَران، إذا كان مع أمور بعضُها مخيلٌ، دون بعض، فالعلَّية للمخيِّل (٣) فقط.


(١) في أ، ت: فأوهمه، وهو تحريف.
(٢) سقط في: ت.
(٣) في ت: للمختل.

<<  <  ج: ص:  >  >>