للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالْقدَمَاءُ: مِنْ غَيْرِ صِفَةٍ، وقوْمٌ بِصِفَةٍ، ..............................

وتبعهم من الحنفية جَمَاعَةٌ (١)، ومن أصحابنا الصَّيْرَفي، والقَفَّال الكبير، وأبو بكر الفارسي، والقاضي أبو حامد، وأبو عبد الله الحليمي (٢) - نقله عنه ابن السَّمْعَاني - وفيه ما سأذكره - إن شاء الله - في مسألة شُكر المُنْعِمِ.

واعلم أن البراهمة ليسوا مُسْلِمِينَ، ولا كلامَ معهم، وإنما الكلامُ مع القدريَّة، ومن تبعهم؛ من الكَرَّامية والخَوارج.

وقد اختلفوا "فالقدماء" من المعتزلة قالوا: بحصول الحُسْنِ والقُبْحِ "من غير صفة" موجبةٍ لهما (٣).


(١) ينظر مراجع صدر المسألة.
(٢) الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم القاضي، أبو عبد الله الحليمي البخاري، ولد سنة ٣٣٨، قال الحاكم: أوحد الشافعيين بما وراء النهر وأنظرهم وآدبهم، وكان مقدمًا فاضلًا كبيرًا، له مصنفات مفيدة ينقل منها الحافظ والبيهقي كثيرًا، ومن تصانيفه: شعب الإيمان، وهو كتاب جليل فيه مسائل فقهية وغيرها تتعلق بأصول الإيمان، وآيات الساعة، وأحوال القيامة. مات في سنة ٤٠٣. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ١٧٨، والمنتظم ٧/ ٢٦٤، وتذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٣٠.
(٣) اختلفوا فيما بينهم في مقتضى الحسن - فذهبت الأوائل منهم إلى أن حسن الأفعال وقبحها لذواتها لا لصفات فيها - تقتضيهما.
وذهب بعض من المتأخرين إلى إثبات صفات حقيقية توجب ذلك مطلقًا في الص سنن والقبح جميعًا، فقالوا: ليس حسن الفعل أو قبحه لذاته كما ذهب إليه من تقدمنا من أصحابنا، بل لما فيه من صفة موجبة لأحدهما. وذهب أبو الحسين من متأخريهم إلى إثبات صفة في القبيح مقتضية لقبحه دون الحسن؛ إذ لا حاجة به إلى صفة محسنة بل يكفيه لحسنه انتفاء الصفة المقبحة.
وقال الجبائي: ليس حسن الأفعال وقبحها بصفات حقيقية بل لوجوه ستبارية وأوصاف إضافية تختلف بحسب الاعتبار، كما في لطم اليتيم تأديبًا وظلمًا.
وأما عند الماتريدية - بل جميع الحنفية - فالحسن والقبح يثبت ليا هو أعم من أن يكون لذاته أو لصفاته أو لوجوه واعتبارات. وعلى ذلك فلا يرد النسخ عليهم؛ لأنه لما جاز أن يحدث الحسن لصفة ووجوه واعتبارات فعند بطلانها يبطل الحسن ويتغير.
وأما المعتزلة - أعني الأوائل منهم - القائلين بأنهما لذات الفعل، فلا يصح عندهم النسخ، أي لا يتأتى قولهم به، ويرد عليهم لعدم صحة بطلان الحسن، وقد يكون من تتمة الفائدة أن نذكر أن هناك من نازع في أن ما ذكرناه سابقًا على أنه محل النزاع هو محل النزاع.
فقال: إن المعتزلة لا ينظرون إلى عاجل ولا آجل. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هم لا يقولون=

<<  <  ج: ص:  >  >>