للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَنَا: لَوْ كَانَ ذَاتِيًّا، لَمَا اخْتَلَفَ، وَقَدْ وَجَبَ الْكَذِب، إِذَا كَانَ فِيهِ عِصْمَةُ نَبِيٍّ، وَالْقَتْلُ وَالضَّرْبُ وَغَيْرُهُمَا.

"وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ ذَاتيًّا، لاجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ فِي صِدْقِ مَنْ قَال: لأَكْذِبَنَّ غَدًا - وَكَذِبِهِ.

وَاسْتُدِلَّ: لَوْ كَانَ ذَاتيًّا، لَلَزِمَ قيَامُ الْمَعْنَى بِالْمَعْنَى؛ لأَنَّ حُسْنَ ...........

قلت: اقتضاء الذات للحُسْن والقبح هو قولٌ اشتركوا فيه، ثم اقتضاؤها قد يكون بواسطةٍ هي الصفةُ والاعتبارات، وقد لا يكون بِوَاسِطَةٍ.

الشرح: "لنا: لو كان" الحسن والقبح "ذاتيًا" للفعْلِ - "لما اختلف" بصيرورة (١) الحَسَن قبيحًا، وبالعكس؛ لامتناع اختلاف الذَّاتيات، "وقد" اختلف؛ إذ "وجب الكذب" عند اشتماله على مصلحة رَاجِحَةٍ؛ كما "إذا كان فيه عِصْمةُ نبِيٍّ، والقَتْلُ واِلضربُ وغيرهما" - كذا بخطّه -، أي: وجب القتل أو الضرب وغيرهما أيضًا؛ إذا كان فيه عصمة نبيّ؛ فلا يكون ذاتيًّا.

الشرح: "وأيضًا: لو كان ذاتيًا، لاجتمع النقيضان"؛ وهما الحسن والقبح الذَّاتيان "في صدق من قال: لأكذبنَّ غدًا - وكذبه"؛ لأنه إن صدق، لزم إيجاد القَبِيحِ، والفعل المستلزمُ للقبيح قبيحٌ، فالصدقُ إذن قبيحٌ، وإن لم يصدقْ، لزم القبيحُ أيضًا، فحصول القبيحِ لازمٌ على التقديرين، ويلزم منه اجْتِمَاع (٢) الحسن والقبح فيه.

واعترض الأول: بأن الواجب لازمُ الكذبِ والقَتْل والضربِ، وهو خلاصُ النَّبي، دون ما ذكر؛ كما تقول في الصَّلاة في الدَّار المغصوبة: إنها ذات وجهين.

وهو ساقط؛ إذ المصلَّي مأثوم بأفعال الصَّلاة من جهة أنها شَغْلُ مِلْكِ الغَيْرِ، ولم يقل أحدٌ من علماء الشَّريعة؛ بأن الكاذب فيما نحن فيه آثم من جهة أنَّهُ كاذب.

واعترض الثاني: أنه ذو وجهين أيضًا، فيحسُنُ من جهة صدقه، ويقبُحُ من جهة استلزامه الكذب.

الشرح: "واستدلَّ: لو كان ذاتيًّا" لـ"ــــلزم قيامُ المعنى"؛ وهو الحسن والقبح - "بالمعنى"؛ وهو الفعل.

والتَّالي؛ وهو قيام العَرَض بالعَرَض - باطلٌ؛ فكذا المقدِّم.


= لصفة لازمة للذات دون من قالوا بأنهما لوجوه واعتبارت أولما هو أعم من الذات، وهم الجبائية والماتريدية.
(١) في ب: لصيرورة.
(٢) في أ، ج، ح: إجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>