للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَحْظُورَةً، .............................................

وإنما الأصحاب قالوا: هب أن ذاك الأصل صحيح، فلم قضيتم حيث لا قضاء للعقل؟ وليس هذا تفريعًا على ذلك الأصل.

وأما ما للعقل فيه قضاء فهم ذهبوا إلى انقسامه حسب (١) تأدية العقلِ، وخالفهم أصحابنا.

وعند هذا أقول: لم ترد هذه المسألة على قولك: ما للعقل فيه قضاء اتبع المعتزلة فيه عقولهم، ونحن خالفناهم، وذلك هو عَيْن مسألة التحسين والتقبيح، فكيف يقال: إنه فرع عنه؟ ولعمري كذلك [يقال في مسألة شكر المنعم: الشكر هو اجتناب القبح وارتكاب الحسن، وذلك كما قال إلكيا: هو عين مسألة التحسين والتقبيح] (٢).

وقد لاح بهذا أنه لا تفريع لهاتين (٣) المسألتين على قاعدة الحُسْن والقبح، والسر عدي في إفراد (٤) الأولى بالذكر - أن أبلغ فقاقع المعتزلة بتشنيعهم بأن شكر المنعم عقلًا، وصاروا يَمُوجُونَ في تشنيعهم (٥) ومناداتهم علينا بهذا القول فراد أصحابنا تبيين سفاهتهم، وتخصيص هذه المسألة بالذكر، وأنها ممنوعةٌ على قضية أصلهم، كما هي ممنوعة على أصلِ غيرهم.

والسرُّ في إفراد الثانيةِ أن أصحابنا يقولون: معاشر القدرية فيم هذا الطغيان؟! والقول بإضافة الحكم إلى غير الرحمن، والحال حالان قبل الشرع وبعده.

فأما بعده، فالشرع قائم، والمرجع إليه.

وإن (٦) قيل: فالحسنُ والقبح حقّ؛ إذ هو كاشف لا يخطئ، فلا فائدة في العتو والبغي، وإطلاق القول بأن الحاكم هو العقل، ورب الأرباب ينادي في كتابه: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [سورة يوسف: الآية ٤٠]، ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [سورة الإسراء: الآية ١٥]، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [سورة الزمر: الآية ٧١]، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ [سورة تبارك: الآية ٨]، ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ﴾ [سورة النساء: الآية ١٦٥] إلى غير ذلك من الآي.

وأما قبله فما ليس للعَقْل فيه قضاء على أصولكم لا يتجه القول فيه بالحَظْر؛

الشرح: "لأنها" أي المنافع - والحالة هذه (٧) - "لو كانت محظورةً" عند توهّم عقولكم فيها


(١) في ت: حيث.
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ، ت، ح: لها بين.
(٤) في أ: إفرادك.
(٥) في ت: تشعبهم.
(٦) في أ، ج، ح: فأما.
(٧) اعلم أن غرض الأصحاب من التنزل إبطال قول المعتزلة في الأفعال الاختيارية، التي لا يقضى العقل =

<<  <  ج: ص:  >  >>