للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَرَضْنَا ضِدَّيْنِ، لَكُلِّفَ بِالْمُحَالِ.

الْأسْتَاذُ: إِذَا مَلَكَ جَوَادٌ بَحْرًا لا يَنْزِف، ........................................

الحظر، وكان فيها فعلان "وفرضنا ضدين" لا ثالثَ لهما كالحَرَكَةِ والسكون "لكلّف بالمُحَال" إن حظرتم جميعها (١)، وإن خصصتم بعضها بالحظر دون بعض، فهو ترجيحٌ من غير مرجّح، فقد سقط القولُ بالحظر.

واعلم أن المراد بالضِّدين هنا ما يستحيل خلوّ المحل عنهما، كذا ذكره القاضي وإمام الحرمين، وغيرهما.

لا يقال: مثل هذين الضِّدين من الأفعال الضرورية، والكلام في الاختيارية لأن (٢) الكلام فيهما جميعًا على حد سواء كما أسلفناه.

قال إمام الحرمين: وإن خصصوا الحَظْر بما يعتقدون الخلو عنه أصلًا، فمرجعهم إلى أن التصرفَ في مِلْكِ الغير بغير إذنه قبيح، وقد مضى من الكلام ما يدرؤه.

الشرح: وقال "الأستاذ" في الرد على الحاظر (٣): "إذا ملك جواد بحرًا لا ينزف"، وهو


= فيها بحسن ولا قبح على تقدير ثبوت قاعدة الحسن والقبح العقليين، لا إبطال قولهم في الأفعال الاضطرارية، والأفعال التي يقضى العقل فيها بحسن وقبح، فإنهم اكتفوا في إبطال قولهم في هذين المقامين على ما قيل في إبطال قاعدة الحسن والقبح، فلذلك لم يتعرض المصنف إلا لإبطال المذاهب الثلاثة في الأفعال التي لم يقض العقل فيها بحسن ولا قبح، فبدأ بإبطال مذهب القائلين بالحظر، وتقريره أن الأفعال التي لم يقض العقل فيها بحسن ولا قبح لو كانت محظورة أي محرمة قبل الشرع وفرضنا ضدين لزم التكليف بالمحال، والتالي باطل فالمقدم مثله. بيان الملازمة أن هذه الأفعال لو كانت محرمة لوجب ترك جميعها، فلو فرض في تلك الأفعال ضدان بحيث يمتنع ترك كل منهما كالحركة والسكون، فإنه يمتنع ترك كل واحد منهما، لزم التكليف بالمحال. قاله الأصفهاني في شرح المختصر.
(١) في ح: جميعًا.
(٢) في ب: كان.
(٣) اعلم أن الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني قنع في رد مذهب هذه الطائفة - أعني القائلين بالحرمة - بمثال في الشاهد وهو لا يفيد إلا مجرد الاستبعاد، توجيهه أن يقال: إن الجواد إذا ملك بحرًا لا ينزف، أي لا يذهب ماؤه، وأحب مملوكه قطرة منه، فكيف يدرك تحريمها عقلًا، أي لا يتصور منع الجواد المملوك عن تلك القطرة، فكذلك الجواد المطلق جل ثناؤه، المالك لجميع النعم، إذا أحب عبد من عباده الاستلذاذ بنعمة من نعمه التي هي أقل بالنسبة إلى نعمه من تلك القطرة إلى بحر الجواد، فكيف يتصور تحريمها. قاله الأصفهاني في شرح المختصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>