(٢) القائلون بالحظر قالوا: إن مباشرة الأفعال المذكورة تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيكون حرامًا كما في الشاهد، أجاب المصنف عنه بأن كون التصرف في ملك الغير حرامًا ينبني على السمع، ولا سمع قبل الشرع، فلا يحكم بكونه حرامًا، ولو سلم أنه علم بالعقل لا بالسمع أن التصرف في ملك الغير حرام ولكن لا نسلم أن التصرف في ملك الغير مطلقًا حرام عقلًا، بل التصرف في ملك من يلحقه ضرر حرام عقلًا أما غيره فلا، كالاستظلال بجدار الغير والاقتباس من نار غيره، ولو سلم أن التصرف في ملك الغير مطلقًا سواء تضرر به أو لم يتضرر حرام عقلًا لأنه يجوز أن يتضرر المتصرف به آجلًا، لكنه معارض بالضرر الناجز أي الحاضر؛ فإن الترك يوجب الضرر في الحال، ودفع الضرر واجب عقلًا، واعتبار الحاضر أولى. قيل في هذه المعارضة نظر؛ لأن صورة الضرر الناجز هي التي يقضي العقل فيها بالقبح، وهي لا تكون محل النزاع، بل النزاع إنما كان في سورة لا يهتدي العقل إلى حسنها وقبحها. أجيب بأن المراد بقوله بالضرر الناجز جواز الضرر الناجز بطريق الاحتمال لا=