للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْ أَرَادَ الْمُبِيحُ أَنْ لا حَرَجَ، فَمُسَلَّمٌ وَإنْ أَرَادَ خِطَابَ الشَّارعِ، فَلا شَرْعَ، وَإنْ أَرَادَ حُكْمَ الْعَقْلِ، فَالْفَرْضُ أَنَّهُ لا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِيهِ.

قَالُوا: خَلَقَهُ وَخَلَقَ الْمُنْتَفِعَ بِهِ، فَالْحِكْمَةُ تَقْتَضِي الإبَاحَةَ. قُلْنَا: مُعَارَضٌ بِأنَهُ مِلْكُ غَيْرِه، وَخَلَقَهُ لِيَصْبِرَ، فَيُثَابُ.

الشرح: "وإن أراد المبيح [أن] (١) لا حرج" (٢) في هذه الأفعال "فمسلم"؛ إذ الحرج إنما يكون بالشرع "وإن أراد خطاب الشرع فلا" نسلِّم؛ إذ لا "شرع".

"وإن أراد حكم العَقْل" بالتخيير "فالفرض أنه لا مجال للعقل فيه"، أي: فيما ليس للعقل فيه قضاء؛ إذ كلامنا فيما لا يحكم العَقْل فيه بحسن ولا قبح.

الشرح: "قالوا: خلقه"، أي: خلق العبد، "وخلق" الشيء "المنتفع به فالحكمةُ تقضي الإباحة"، وإلا لكان خلقه عبثًا، وهو قبيح؛ للضرر، ولم يقل به عاقل.

وإنما قال: المنتفع به، ولم يقل: الرزق؛ لأن الحرام [عندهم] (٣) ليس برزق، فلو قال: الرزق.

قيل: إنما يكون رزقًا على أصلك بعد إثبات أنه حلالٌ.

"قلنا: معارض بأنه ملك غيره"، فلا يجوز التصرف فيه، "وخلقه" للنفع ولا ينحصر النفع في التناول، بل جاز أن يكون "ليصبر" العبد "فيثاب"، والثواب نفع، فهذا تمامُ الرد على القائلين بالإباحة (٤) (٥).


= الجزم بتحقق الضرر الناجز، فحينئذٍ لا يكون خارجًا عن محل النزاع؛ لأن العقل وإن لم يقض فيه بحسن ولا قبح لكن لم يجزم بعدم احتمال الضرر الناجز. قاله الأصفهاني في شرح المختصر.
(١) سقط في ج.
(٢) لما فرغ من إبطال مذهب الحظر شرع في إبطال مذهب الإباحة، وتقريره أن المبيح إن أراد بكونه مباحًا أن لا حرج في الفعل والترك فمسلم؛ إذ الحرج إنما يحصل من الشرع ولا شرع، وإن أراد بالإباحة خطاب الشارع، وهو الإذن الشرعي في الفعل مع نفي الحرج فلا إباحة قبل الشرع؛ إذ لا شرع، وإن أراد بالإباحة حكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك فلا إباحة أيضًا؛ إذ الفرض أنه من الأفعال التي لا مجال للعقل فيها بأن يقضى بكونها حسنة أو قبيحة.
(٣) في ب: عنده.
(٤) في أ: بإباحة.
(٥) القائلون بالإباحة قالوا: إن الله تعالى خلق ما بنتفع به من المطعوم، وخلق المنتفع به مع إمكان ألَّا=

<<  <  ج: ص:  >  >>