للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ؛ كَالْأُبُوَّةِ فِي الْقِصَاصِ، وَللسَّبَبِ؛ لِحِكْمَةِ تُخِلُّ بِحِكْمَةِ السَّبَبِ؛

للإحرام (١) بحجٍّ أو عمرة إذا كان لحاجةٍ لا تتكرر، وكالصلاة في الدَّار المغصوبةِ، وأمثال ذلك يكثر.

والآمدي إنما قسَّمه إلى معنوي وغيره، وهو الأسَدُّ.

ومن خطاب الوضع الحكم على وصف بالمانع (٢) - أي: بكونه مانعًا، وهو ضربان:


(١) والإحرام معناه نية الدخول في الحج وكيفيته أن يقصد الحج، والإحرام به لله تعالى؛ لخبر: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ"، ويشترط في النية أن تكون في أشهر الحج؛ لقوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾، والمراد به وقت إحرام الحجّ؛ لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر، وإنما يحتاج إلى أيام معدودة، فدل على أنه أراد به وقت الإحرام؛ ولأن الإحرام نسك من مناسك الحج، فكان مؤقتًا، كالوقوف والطواف. وتبتدئ أشهر الحج من شوال، وتنتهي بفجر يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة؛ لما روي عن ابن مسعود وجابر وابن الزبير أنهم قالوا: "أشْهُرُ الْحَجِّ مَعْلُومَات شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْر لَيَالِ مِنْ ذي الْحَجَّةِ". فلو نوى الحج في غير أشهره انعقد عمرة، ولا يجوز له الصرف إلى الحج في أوانه؛ لأنها عبادة مؤقتة، فإذا عقدها في غير وقتها انعقد غيرها من جنسها. كصلاة الظهر إذا أحرم بها قبل الزوال ظانًا دخول الوقت، فظهر خلافه، فإنه ينعقد إحرامه بالنفل.
ولا يشترط في النية التعيين، فلو نوى وأطلق بأن نوى الدخول في النسك الصالح للأنواع الثلاثة، كما سيأتي أو اقتصر على قوله: (أحرمت) أجزأه ذلك، وصرفه بالنية إلى ما شاء من الحج والعمرة أو كليهما، ثم اشتغل بالأعمال، ولكن التعيين أفضل من الإطلاق؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص.
ولا يشترط اقتران النية بالتلبية، كما لا يشترط في النية التلفظ باللسان، وإنما يسنّ اقتران النية بالتلبية بأن ينوي ويلبّي بلا فاصل، كما يسنّ في النية - التلفظ باللسان؛ ليساعد اللسان القلب، بأن يقول الشخص: نويت الحج، وأحرمت به لله تعالى - إذا كان يحج عن نفسه، أو نويت الحج عن فلان، وأحرمت به لله - تعالى - إذا كان يحج عن غيره، وصيغة التلبية: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْك، لَا شَرِيكَ لَكَ".
وقال أبو حنيفة : لا ينعقد الإحرام، حتى يلبّي، أو يسوق الهدي. واستدل أوّلًا: بقوله
: "أَمَرَني جِبْرِيلُ أنْ أَمُرَ أَصْحَابِيِ بِالتَّلْبِيَةِ وَرَفْع الصَّوْتِ".
ثانيًا: بالقياس على الصلاة - وأجيب عن الأول بأن الأمر أمر استحباب وإلا لزم رفع الصوت، كما أجيب عن الثاني؛ بأنّ المقصود من الصلاة الذكر بخلاف الحجّ.
(٢) ينظر: البحر المحيط للزركشي ١/ ٣١٠، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١/ ١٢٠، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص ١٣، والتحصيل من المحصول للأرموي ١/ ١٧٧، وحاشية=

<<  <  ج: ص:  >  >>