الشرط الثالث: أَنْ يكُونَ السَّفَر سابقًا على الصوم، بأن يكون الشروع فيه سابقًا على الشروع في الصوم، كأن يقع السفر بعد الغروب، وقبل الفجر. أَمَّا إِذَا كان الشروعُ في السَّفَرِ بعد الشروع في الصوم، فيحرم عليه الفطر، ويجب الصومُ. وقال المزني: له أَنْ يُفْطِرَ كما لوِ أَصْبَح الصبحُ صائمًا، ثُمَّ مَرِضَ. والمذهب الأول: وهو وجوبُ الصَّوْمِ وَعَدَمِ جواز الفطر؛ دليلُ ذلِكَ أنَّه عِبادَةٌ اجتمع فيها سَفَرٌ وَحَضَرٌ، وَكُلُّ عِبادةٍ يجْتَمع فيها سَفَرٌ وحَضَرٌ يغْلِبُ جانب الحضر؛ لأنَّه الأَصلُ. وعلى الأول: لو جامع فيه، لزمه الكفارة؛ لأنه يوم من رمضان هوَ صائمٌ فِيه صومًا لا يجوز فِيه الفطر. الشرط الرابع: أَنْ يرجو المسافر إقامةً يقضي فيها ما أفطره من أيام سفره، فإن لم يرجُ إقامة يقضي فيها ما أفطره، بأن كان مديم السَّفَرِ، فَلا يُباحُ له الفِطْر؛ لأَنَّ إباحةَ الفطر في هذه الحالة تُؤَدِّي إِلى إِسْقَاطِ الفرض بالكلية، نعم لوْ قَصَدَ القَضاءَ في أيام أخرى من أيام سفره، جاز له الفطر، وَلا فرْقَ في جواز الفطرِ للمسافرِ بين أن يكون بأكل أو نحوه، كجماع، وغير ذلك. ومتى أَفْطَرَ المسافر وَجَب عَليْهِ القضاءُ دُونَ الفديةِ، ثم إِنَّه إِذَا قَدِمَ المُسافِر أو برئ المريض، وهما مفطران استحب لهما إمساكُ بقية النهارِ؛ لِحُرْمَةِ الوقت، ولا يجب عليهما ذلك؛ لأنهما أفطرا بعذر. ويُنْدَبُ لهما إِذا أكلا أَلا يأْكُلا إِلَّا عند من يعرف عذرهما؛ لخوف التهمة. وإذا قدم المسافر وهو صائمٌ أو برئ المريضُ وهو صائمٌ، فقى جواز إفطاره وجهان: أحدهما: أنه يجوز لهما الفطر، وبه قال ابن أبي هريرة؛ لأنه أبيح لهما الفطر من أَوَّلِ النهارِ، فجاز لهما الإفطار في بقِيَّة النَّهار، كما لو دَامَ السَّفَر والمرضُ. وثانيهما: لا يجوز لهما الإفطار، وهوَ قَوْلُ القاضي أبي الطيِّبِ وجمهور الأصحابِ، لأنه زال سبب الرُّخْصَةِ قبل التَّرَخُّصِ.