للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُسْتَحِيلِ، لَكَانَ مُسْتَدْعَى الْحُصُولِ؛ لأَنَّهُ مَعْنَى الطَّلَبِ وَلَا يَصِحُّ؛ لأِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ

وذهب جمهور المعتزلة إلى امتناعه مطلقًا، لا (١) فيما كان ممتنعًا لتعلّق العلم بعدم وقوعه كما مَرّ من [تكليف] (٢) من علم أنه لا [يؤمن] (٣) بالإيمان.

ووافقهم من أصحابنا الشيخ أبو حامد، والغزالي، وابن دقيق العِيدِ (٤).

وفصَّل معتزلة "بغداد"، فمنعوا المحال لِذَاتِهِ دون المُحَال لغيره، وادَّعى الآمدي ميل الغزالي إليه وارتضاه.

وقال الأستاذ أبو إسحاق: إن ورد لم يسم تكليفًا، بل علامة نصبت على عذاب المكلف به.

وقال إمام الحرمين: إن أريد بالتَّكليف بالمحال طلب الفعل، فهو محال من العالم باستحالة وقوع المطلوب، وإن أريد ورود الصيغة، وليس المراد بها طلبًا مثل: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [سورة الأعراف: الآية ١٦٦] فغير ممتنع، وعلى هذا المذهب تنطبق عبارة المصنّف حيث قال: المطلوب، فإنه ليس كلّ ما وردت فيه صيغة الأمر يكون مطلوبًا.

فإن قُلْتَ: كيف حادَ إمام الحرمين، وكذلك الشيخ أبو حامد [والغزالي ومن معهم عن قول الشيخ] (٥)، ووافقوا المعتزلة، ومنع التكليف بالمُحَال لا يمشي على قاعدة أهلِ السُّنةِ.

قلت: هم وإن وافقوهم في الحكم، فالمأخذ مختلف.

وذلك أن مأخذ القدرية أن الآمر يريد وقوع المأمور به، والجمع بين علمه - تعالى - بأنه لا يقع وإرادته وقوعه تناقض.

والإمام بريءٌ من هذا المأخذ، وإنما تصور أن الطلب في نفسه لا يتحقّق مع علم الطالب أن المطلوب بأمره مستحيل.

وأما أشياخنا فتصوروا أن العلم بامتناع وقوعه لا يمنع وقوع الطَّلب.

هذا حكم الجواز.

وأما الوقوع فالممتنع لذاته غير واقع، سواء كان امتناعه مطلقًا لا يختلف (٦) استحالته


= المتكلمون؛ فلتعلقها بأحكام القدر، وخلق الأفعال، وأما الأصوليون؛ فلتعلقها بأحكام التكليف وما يصح الأمر إلا به، وما لا يصح.
(١) في أ، ب: إلا.
(٢) سقط في ت.
(٣) في أ، ت: يؤمر.
(٤) ينظر مراجع صدر المسألة.
(٥) سقط في ت.
(٦) في ب: تختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>