للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُقُوعُه، وَاسْتِدْعَاءُ حُصُولهِ فَرْعُهُ؛ لأِنَّهُ لَوْ تُصُوِّرَ مُثْبَتًا، لَزِمَ تَصَوُّرُ الْأَمْرِ عَلَى خِلَافِ مَاهِيَّتِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ.

بالنِّسْبة (١) إلى قادرٍ دون قادرٍ كالجمع بين النَّفي والإثبات، أو غير مطلق - وهو قسمان؛ لأنه إما أن يكون واقعًا بالقدرة التي هي (٢) غير مستحيل بالنِّسبة إليها كخلق الأجسام، وبعض الأعراض والطعوم والرّوائح، فإنه مستحيل بالنسبة إلى القدرة الحادثة، دون القديمة، وهو واقع بها، وعلى هذا رأي من يُثبت القدرةَ.

وأما من ينفيها - وهو الحق - فلا يتصوّر اختلاف الاستحالة بالنسبة إلى قدرة دون قدرة، أو يكون غير واقع بها أيضًا، كجبل من ذَهَبٍ وبحر من زِئْبَق.

وأما الممتنع لغيره إما لفقد شرط سواء علم اشتراطه له حسًّا، كالمَشْى من مقطوع الرِّجْل، أو عقلًا، كالقيام في حالة [عدم] (٣) الداعي إليه، أو لوجود مانع، إما حسي، كالقيام من المقيّد بقيد مانع منه، أو عقلي، كالأمر بتحصيل ما علم الله أنه لا يحصل منه، والأمر بالفعل حال التَّلبس بضده، وليس هو المذكور في صدر كلام المصنّف، فإن منه الواقع.

ولا ينبغي لأشعريٍّ أن يَتَلَعْثَمَ (٤) في ذلك، بل كلّ التكاليف عندنا هكذا، لأن الاستطاعةَ عندنا لا تتقدم الفعل مع توجه الأمر قبلها، والعَبْدُ ليس بمخترع فعله، وما يشتبه (٥) من الكسب لا تأثير له بحال كما هو مقرر في الديانات.

وإن وقع اضطراب في النَّقل عن الشيخ، فلعله في وقوع الممتنع لذاته.

ويدّل له تمثيلهم بتكليف أبي جهل بالجَمْع بين النفي والإثبات، لا في جوازه ولا في وقوع الممتنع لغيره.

وهذا واضح لمن تدبّر مذهب الشيخ، وقد صرَّحَ الشيخ في كتاب "الإيجاز" بأن تكليف العاجز الذي لا يقدر على شيء أصلًا، وتكليف المحال الذي لا يقدر عليه المكلف صحيح ثم قال: وقد وجد تكليف الله العِبَاد بما هو مُحَال يصح وجوده خلافًا لبعض أصحابنا. ثم استدل بقضية أبي لهب، وبإجماع الأمة على أن الكافر مكلَّفٌ بالإيمان.

"والإجماع على صحَّة التكليف بما علم الله أنه لا يقع".


(١) في ت: بالنية.
(٢) في أ، ب: هو.
(٣) سقط في ح.
(٤) في ح: يتعلثم وهو تحريف.
(٥) في أ، ب، ح: يثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>