للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُورِدَ أَنَّ تَرْكَ الإِنْكَارِ لِمُوَافَقَةِ الْحَقِّ، وَالْاِسْتِبْشَارَ مَعًا بِمَا يُلْزِمُ الْخَصْمَ عَلَى أَصْلِهِ؛ لأَنَّ الْمَنَافِقِينَ تَعَرَّضُوا لِذلِكَ.

حبيبة (١): تركتك فتركتك العرب، ولا ينتطح فيها جَمَّاءُ ولا قَرْنَاءُ. وهو يبتسم ويقول: "أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ؟! " وكان أبو سفيان مبطلًا فيما قاله، فإن العرب لم تترك النبي بل كان معه صناديدُهم.

قلت: لم يقر حيث قال: "أَنْتَ تَقُولُ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ؟! "، وهي عبارة يفهم منها الرد؛ لأن الحصر مفهوم منه. فكأنه قال: لا يقول أحد غيرك هذا. والصدق لا يختص أنت تقول يا أبا حنظلة" (٢) وهذا من جوامع كلمه .

فإن قلت: ولم لا صرح بالإنكار؟

قلت: لأنه كان في وقت استجلاب خاطر أبي سُفْيَانَ لمصلحة المسلمين، وكان أيضًا حكمه إذ ذاك، كما روى الزبير بن بَكَّار (٣) - ويكنيه أبا حَنْظَلَة - فما أقر على باطل، ولا نهر بالإنكار .

"فإن" كان الفعل مما "استبشر" النبي "به، فأوضح" في الاستدلال على الجواز.

"وتمسّك الشافعي في "إثبات "القِيَافَة" (٤)، وإلحاق النسب بها


(١) رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب الأموية، أم حبيبة وأم المؤمنين. لها خمسة وستون حديثًا. اتفقا على حديثين، وانفرد مسلم بمثلها. وعنها ابنتها حبيبة وأخواها معاوية وعنبسة، قال أبو عبيد: توفيت سنة أربع وأربعين. ينظر ترجمتها في: تهذيب ١٢/ ٤١٩ ت ٢٧٩٤، وتقريب ٢/ ٥٩٨، والثقات ٣/ ١٣١، وأسد الغابة ٧/ ١١٥، والاستيعاب ٤/ ١٨٤٣، ١٩٢٩، والإصابة ٧/ ٦٥١، وتجريد أسماء الصحابة ٢/ ٢٦٨، وتهذيب الكمال ٣/ ١٦٨٣، والخلاصة ٣/ ٣٨٢، ٤٠٥.
(٢) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ١١) والزبير بن بكار وابن عساكر كما في "كنز العمال" (١٨٦٤٥).
(٣) الزبير بن بكار بن عبد الله القرشي الأسدي المكي، من أحفاد الزببر بن العوام أبو عبد الله؛ عالم بالأنساب وأخبار العرب، راوية، ولد بالمدينة سنة ١٧٢ هـ، وولي قضاء مكة فتوفي فيها سنة ٢٥٦ هـ، من تصانيفه: أخبار العرب وأيامها، نسب قريش وأخبارها، جمهرة نسب قريش، والأوس والخزرج، ووفود النعمان على كسرى، وله مجموع في الأخبار ونوادر التاريخ سماه "الموفقيات".
ينظر: الأعلام ٣/ ٤٢، وتاريخ بغداد ٨/ ٤٦٧، وآداب اللغة ٢/ ١٩٣.
(٤) القائف: هو الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود، والقيافة بالكسر تتبع الأثر. ينظر: قواعد الفقه ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>