للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: إِنْ سُلِّمَ فَلا يَضُرَّ.

وأما الثاني: فلأنها إنما تقضي بامتناع التعارض بين أقوال مثل هذا العدد إذا انتهوا إلى عدد التواتر.

وإذا كان كذلك فلا يكون اتفاق من نقص (١) عددهم عن عدد التَّواتر حُجَّة، ثم لا اختصاص لكونه حجة بكونهم مجتهدين، بل يكون ذلك دائرًا مع اتِّصَافهم بعدد التواتر وجودًا وعدمًا، وهو سؤال قوي.

واعلم أن سالكي الطرق المعنوية على كون الإجماع حُجَّة وإن تَبَايَنَتْ بهم الأَنْحَاء يلتزمون هذا السؤال.

كذا قاله الآمديُّ في غير موضع.

قال: ويلزمهم ألا يكون الإجماع المحتج به خصيصًا بإجماع (٢) أهل الحَلّ والعقد من المسلمين، بل هو عام في إجماع كل من بلغ عددهم التَّوَاتر، وإن لم يكونوا مسلمين.

وأما المصنّف، فإنه سلك سبيلهم في الاحتجاج بالمَعْنَى، ثم لم يلتزم هذا السؤال فوقع في معضل أرب فقال: "قلنا": لا نسلّم لزوم ذلك؛ إذ العادة تحيلُ اجتماع المحققين بالقَطْعِ في شرعي من غير قاطعٍ، سواء بلغ عددهم عدد التواتر، أم لا.

وكذا يمنع من التَّعَارض بين أقوال جمع من العلماء، وإن لم يبلغوا عدد التواتر.

ثم "إن سلم" لزوم ذلك "فلا يضر"؛ لأن اللَّازم حينئذ كون القاطعين بِتَخْطِئَةِ مخالف الإجماع والقاطعين على تقديم الإجماع على النَّص القاطع عددهم [عدد التواتر، لا كون أهل الإجماع عددهم] (٣) هذا فلا ينتهض نقضًا.

ولقائل أن يقول: دعواكم أن العادة تحيلُ إجماع (٤) المحققين، وإن لم يبلغوا عدد التواتر قد يمنعها الخَصْم.

وأما قولكم: إنما عَدَدُ التواتر في القاطعين بتخطئة مخالف الإجماع، وبتقديم الإجماع على النص القاطع، فلقائل أن يقول: أيّ إجماع يقطعون بتخطئة مخالفه، وتقديمه على النص القاطع؟ الإجماع الموجود فيه عدد التواتر، أو غيره؟ الأول: مسلَّمٌ، لكنه لا ينفعكم؛ لأن دعواكم أن كل


(١) في ب: بعض.
(٢) في ح: بالإجماع.
(٣) سقط في ت.
(٤) في ت، ح: اجتماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>