للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اسْتَدَلَّ] الشَّافِعِيُّ : ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ..........

إجماع حجَّة، وهذا لا يفيد إلا حجية إجماع خاص فلا ينتهض على المدعي بجملته.

فإن قلت: هَبْ أنه لا ينتهض على ذلك، أليس ينتهض ردًّا على من يمنع الإجماع بجملته؟ فيقال: قد ثبت بهذا [بعض الإجماعات فلا يصح قولك: الإجماع ليس] (١) بِحجَّةٍ.

قلت: لو كنا هنا في مقام المنع، والرد على من نفى حُجية الإجماع صح هذا، ولكنا مستدلون على نفس (٢) الإجماع، فلا بد أن يشتمل دليلنا على كُلّ المدعي، وإلا لم يكن محيطًا بالدعوى.

والثاني: ممنوع فلم يقطعِ الجمْع الذين بلغوا عدد التواتر إلا بتقديم الإجماع المُشْتمل على عدد التواتر دون غيره، وهو منع متجه، ومنكرُ حجية الإجماع لا يتحاشى من مثله.

ثم هب أنه خلاف الظاهر إلا أنه احتمال يمنع القطع، فلا ينتهض ما ذكره المصنّف قاطعًا في الدلالة على حجّية الإجماع، وهو لا يكتفي بالظُّهور كما سبقوه به في غير موضع.

فإن قلت: إذا بلغ عدد المُجْمعين عدد التَّوَاتر فهل قولهم إذ ذاك حُجَّة لكونهم بالغين عدد التواتر، ولكونهم مجتهدين؟.

قلت: مجموع الأمرين، وبهذا يندفع قول الآمدي: إن هذا القائل يلزمه ألَّا يختص الإجماع بالمجتهدين المسْلِمين؛ لأنه إنما يلزمه أن لو جعل كونهم بالغين عدد التواتر علَّة مستقلَّة في حُجّية إجماعهم، وليس كذلك، وإنما العلَّةُ عنده مجموع الوصفين.

فالحاصلُ: أنَّ من سلك طريق المعنى في الدلالة على كون الإجماع حجة، إن أخذ عدد التَّوَاتُر ناظرًا إليه بخصوصه لزمه ألا يتقيَّد بأهل الحلّ والعقد، ولكن هذا المسلك لم نر أحدًا سلكه، فلا يرد ما قاله الآمدي.

وإن أخذ خصوص كونهم مجتهدين، وادَّعى أن العادة تحيل اجتماع المجتهدين، وإن لم يبلغوا عدد التَّواتر على قاطع إلا عن قاطعٍ وهذا صنيع المصنف فليس من التحقيق (٣) في شيء، وخَصْمه يمنعه كما قرَّرنا الرد على الجوابين اللَّذين ذكرهما في الكتاب.

الشرح: و "استدلّ الشافعي" على حُجِيَّة الإجماع بدليل استنبطه من القرآن


(١) سقط في ح.
(٢) في ت: نفى.
(٣) في ح: المحققين.

<<  <  ج: ص:  >  >>