للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولقائل أن يقول: تلقى الأمة للخبر بالقَبُول وإن لم يخرجه عن الآحاد، فلا يلزم أن يكون مظنونًا؛ لأن خبر الواحد قد تعضُده قرينة تصيِّره مقطوعًا، وجاز أن تكون القرينة هي تلقيهم بالقَبُول فيُسْتَدَلُّ به على الإجماع.


= والأخبار، والمخالفون لم يطالعوا، وأيضًا الحق أن مخالفتهم كمخالفة السوفسطائية في القضايا الضرورية الأولية، فكما أن مخالفتنهم لا تضر كونها أولية، فكذا مخالفة المخالفين لا تضر التواتر. وأما إيراد الأسئلة والأجوبة فعلى بعض المتون لا على القدر المشترك المستفاد من الأخبار.
الوجه الثاني: أن هذه الأحاديث لم تزل ظاهرة مشهورة بين الصحابة ومن بعدهم متمسكًا بها فيما بينهم في إثبات الإجماع من غير خلاف فيها ولا نكير إلى زمان وجود المخالفين، والعادة جارية بإحالة اجتماع الخلق الكثير والجم الغفير مع تكرر الأزمان واختلاف هممهم ودواعيهم ومذاهبهم على الاحتجاج بما لا أصل له في إثبات أصل من أصول الشريعة، وهو الإجماع المحكوم به على الكتاب والسنة من غير أن ينبه أحد على فساده وإبطاله وإظهار النكير فيه .. واعترض عليه بأمور:
الأمر الأول: لا تسلما أن تلك الأحاديث لم يقع خلاف فيها ولا نكير؛ لجواز أن يكون أحد أنكر هذه الأخبار ولم ينقل إلينا، ومع هذا الجواز لا قطع بعدم الاختلاف وعدم النكير. والجواب: أن العادة تجعل عدم نقله؛ إذ الإجماع من أعظم أصول الدين، فلو خالف فيه مخالف اشتهر؛ إذ لم يندرس خلاف الصحابة في دية الجنين وحد الشرب ومسائل الجد والإخوة إلى غير ذلك، فكيف اندرس في أصل عظيم يلزم منه "التضليل والتبديع لمن أخطأ في نفيه أو إثباته وقد اشتهر خلاف النظام مع سقوط قدره وقلة الاعتبار به فكيف يخفى خلاف الصحابة والتابعين؟
الأمر الثاني: سلمنا أنها لم تنكر لكن لا نسلم أن الصحابة والتابعين استدلوا بها على الإجماع، ولم لا يجوز أن يكون استدلالهم بغير تلك الأحاديث لا بها؟. والجواب: أن تمسك الصحابة والتابعين بها في معرض التهديد لمخالف الجماعة يدل على أن الإثبات إنما كان بها …
الأمر الثالث: سلمنا استدلالهم بها لكن في الدليل دور؛ لما فيه من الاستدلال بالأحاديث على الإجماع والاستدلال على صحة الأحاديث بالإجماع. والجواب أن الاستدلال على صحة الأحاديث ليس بالإجماع بل بالعادة المحيلة لعدم الإنكار على الاستدلال بما لا صحة له فيما هو من أعظم أصول الدين، والعادة أصل يستفاد منها معارف بها يعرف بطلان دعوى معارضة القرآن وبطلان دعوى نص الإمامة وغير ذلك، والاستدلال بها غير الاستدلال بالإجماع؛ فاندفع الدور.
الأمر الرابع: سلمنا أن الدليل على صحة الأحاديث هو العادة المحيلة لعدم الإنكار بما لا صحة له فيما هو من أعظم أصول الدين، لكن هذا الدليل معارض بما يدل على عدم صحتها، وهو أنها لو كانت معلومة الصحة مع أن الحاجة داعية إلى معرفتها لبناء هذا الأصل العظيم عليها لعرفت الصحابة =

<<  <  ج: ص:  >  >>