الاعتراض الثاني: سلمنا أنها تفيد اليقين لكن يحتمل أنه أراد بنفي الضلالة عن الأمة عصمة جميعهم عن الكفر، وقوله: على الخطإ لم يتواتر، وعلى فرض أنه متواتر فالخطأ عام يمكن حمله على الكفر، ويحتمل أنه أراد بذلك عصمتهم عن الخطإ فيما يوافق النص المتواتر أو دليل العقل؛ دون ما يكون بالاجتهاد أو عصمتهم عن الخطإ في الشهادة في الآخرة .. والجواب أنه لا يصح أن يراد بنفي الضلالة والخطإ عن الأمة عصمتهم عن الكف أو عصمتهم فيما يوافق النص المتواتر أو دليل العقل لأن هذه الأخبار إنما وردت في معرض الامتنان على الأمة والإنعام عليها، فعلم بالضرورة تعظيم شأنها وتخصيصها بهذه الفضيلة، وفي حملها على ما ذكر إبطال فائدة اختصاصهم بذلك؛ لمشاركة بعض آحاد الناس للأمة في ذلك؛ فلم يصح حملها على العصمة مما ذكر، ووجب حملها على ما لا يعصم عنه الآحاد من سهو وخطإ وكذب، ولا يصح أن يراد بنفي الضلالة والخطإ عن الأمة عصمتهم عن الخطإ في الشهادة في الآخرة لأن هذه الأخبار إنما وردت لإيجاب متابعة الأمة والحث عليها والزجر عن المخالفة، فكان المقصود وجوب العمل، فلم يصح الحمل على الخطأ في الشهادة في الآخرة؛ إذ لا عمل فيها. الاعتراض الثالث: سلمنا دلالة هذه الأخبار على عصمتهم عن كل خطإ وضلال، لكن يحتمل أنه أراد بالأمة كل من آمن بالله إلى يوم القيامة، وأهل كل عصر ليسوا كل الأمة؛ فلا يلزم امتناع الخطإ والضلال عليهم .. والجواب ما سبق في الآيات المتقدمة، وهو أنه لما كان المقصود هو الزجر عن مخالفة الأمة والحث على متابعتها لم يتصور حمل الأمة على كل من آمن بالله إلى يوم القيامة؛ إذ لا زجر ولا حث فيها. الاعتراض الرابع: سلمنا انتفاء الخطإ والضلال عن الإجماع في كل عصر من الأعصار، ولكن لا نسلم أنه يكون حجة على المجتهدين؛ فإنه على القول بأن كل مجتهد مصيب لا يجب على أحد المصيبين اتباع المصيب الآخر، وحاصله منع الملازمة في الدليل المتقدم، وهي لو لم يكن الإجماع حجة لما كانت الأمة معصومة عن الخطإ. والجواب أنه إذا ثبت انتفاء الخطإ عن أهل الإجماع فيما ذهبوا إليه كان ذلك إجماعًا على وجوب اتباعهم.