للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فحاصل كلامه: دعوى القَطْع من هذه الأخبار بطريقين:

أحدهما: علم الاضطرار، وهذا التَّوَاتر المعنوي الذي استحسنه المُصَنّف، وهو ضعيف عند القاضي وعندنا كما عرفت.

والثاني: علم الاستدلال بالوَجْهَيْنِ اللذين ذكرهما.

وهما راجعان إلى إحالة العادة استدلال الأمة به، وانتشاره ما بينهم من دون قاطع فاشترك الطريقان في أن يفيد العلم.

فمن فَهِم عن الغزالي أنه أراد خبر واحد مجرد عما يعضده [وهو] (١) يصيّره مفيدًا للعلم، فقد فهم ما صرَّح بخلافه.

ثم نقول: هذا الطريق الثاني هو الذي اعتمده صاحب الكتاب، وركَّب منه دليليه (٢) السَّابقين فافهمه، وبهذا يتضح لك أن ما رده هنا هو ما استدلّ به ثَمَّ، فتأمل هذا.

وإمام الحرمين في "البرهان" قال (٣): ولا حاصل لمن يقول: هذه الأحاديث متلقاة بالقبول فإن المُعَضِّد من ذلك يؤول إلى أن الحديث مجمع عليه، وقُصَاراه إثبات الإجماع بالإجماع على أنه لا تستب (٤) هذه الدعوى مع اختلاف النَّاس في الإجماع اهـ.

ودفع دليل تلقي الأمة بالقَبُول بهذا الوَجْهِ، وأوضح من دفعه بأن ذلك لا يخرجه عن الآحاد.

وقد ذكر القاضي، والإمام في مختصره "التقريب" هذا السؤال وقالا: إنه من أهم الأسئلة ثم أجابا عنه بما حاصله أنا لم نثبت الإجماع بالإجماع على تَلَقِّيهِ بالقَبُولِ؛ بل لإحالة العادة.

وهذا السؤال والجواب هو نفس سؤال المصنف وجوابه السَّابقين في قوله: لا يقال: أثبتم الإجماع بالإجماع إلخ - وهو جواب صحيح -.

وأما قول الإمام: لا تستتبّ هذه الدعوى مع اختلاف النَّاس في الإجماع.

فجوابه: أن الاختلاف طارئ لم يسبق النّظَّام إليه أحدٌ، وذلك معروف من قضية العَادَةِ، ووجوب استمرارها لتوفّر الدواعي على نقل خلاف من خالف في هذا الأصل العظيم، فلقد


(١) سقط في أ، ب، ت.
(٢) في ب، ح: دليله.
(٣) ينظر: البرهان ١/ ٦٧٨.
(٤) في ت: لا تسبب.

<<  <  ج: ص:  >  >>