للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتُدِلَّ إِجْمَاعُهُمْ يَدُلُّ عَلَى قَاطِع فِي الْحُكْمِ؛ لأِن الْعَادَةَ امْتِنَاعُ اجْتِمَاعِ مِثْلِهِمْ عَلَى مَظْنُونٍ.

توفرت على نقل مسائل جزئية، فما ظنّك بالإجماع، فلو سبق النَّظَّامَ أحدٌ إلى مَقَالَتِهِ لنقل هذا.

وقد نقل خلاف النَّظَّام إلينا.

قال القاضي : مع خموله وقلَّة خطره في النفوس، وكونه معدودًا في أحزاب الفُسَّاق.

الشرح: "واسْتُدِلّ" على حجيَّة الإجماع أيضًا بما تقريره "إجماعهم" على الحكم "يدلّ على" وجود "قاطع في الحكم؛ لأن العادة" مقتضاها: "امتناع اجتماع مثلهم على" أَمْرٍ "مَظْنُون"؛ لاختلاف الآراء والقرائح في المظنونات.

"وأجيب": عن امتناع اجتماعهم على المَظْنُون "بمنعه في "القياس "الجَلِيّ، وأخبار الآحاد" فإنه لا مانع من (١) إجماعهم على الحكم تعويلًا على قياس جَلِيّ، أو خبر واحد "بعد العلم" الحاصل لهم "بوجوب العمل بالظاهر"، فلا يلزم أن يكون دليل الحكم مقطوعًا به.

ولقائل أن يقول: علمهم بوجوب العمل بالظاهر، إن كان مستنده الإجماع ففاسد للزوم الدَّوْرِ، وإن كان غيره فسد ما اعتُرض به على الشَّافعي من لزوم الدور؛ لأنه حينئذ قد سلم أنه ليس مدرك العمل بالظاهر بالإجماع (٢).

واعلم أن إمام الحرمين استدلّ على الإجماع بدليل معنوي فقال: الطريق القاطع في ذلك أنا نقول: للإجماع صورتان، وذكر ما تقريره اتفاق الجمع العظيم المختلفين في الدواعي والمهم على الحكم الواحد.

إما أن يكون لدليل أو أمارة، أو لا دليل ولا أمارة، وهذا الثالث مُسْتحيل عادة.

فإن كان الأول كان الإجماع كاشفًا عن ذلك الدَّليل، وحينئذ يجب الاتباع له، وإلا لكان ذلك تجويزًا لمخالفة الدَّليل، وهو ممتنع.

وإن كان الثاني: فمثل هذا الحكم، وإن كان يسوغ (٣) مخالفته لأمارة أخرى، لكن لمَّا


(١) في ب: عن.
(٢) في أ، ب، ت، ح: الإجماع.
(٣) في ب: سوغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>