للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الجُبَّائِيُّ: إِجْمَاعٌ بِشَرْطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ.

أحدهما: إن جعلكم الحجة في مُقَابلة الإجماع يقتضي أنها قسيمة (١) له، وألَّا يكون ذلك [ترديدًا بين الشيء ونفسه، وإذا كان كذلك] (٢) فما هي؟.

لا يقال: هي قول بعض سكت عنه البَاقون، وسكوتهم دليلٌ رضاهم إلا أن نسبة ارضا إليهم يستدعي قولهم، ولم يحصل تحقُّقه، بل ظنّه، وظننا أن حكم الله ما قاله القائل؛ لأنا نقول: إذا حصل ظَنّ أنهم قالوا: فقد حصل ظن أنهم أجمعوا، ورجع الحال إلى أنكم قابلتم الإجماعَ بالإجماع.

وثانيهما: أن الأكثرين من الأصوليين نقلوا أن الشَّافعي يقول: إن السكوتي ليس بإجماع.

وذكر القاضي: أن ذلك آخر أقواله، وإمام الحَرَمَيْنِ: أنه ظاهر مذهبه، وزاد الإمام والآمدي فقالا (٣): إنَّ الشافعي يقول: ليس بإجماع ولا حُجَّة أيضًا.

وحكى المصنّف ذلك، وزاد أن عنه خلافه، وخلافه محتمل لأن يكون حُجَّة، وليس بإجماع، ولم أجد ذلك محكيًّا عن الشَّافعي، ولعله مراد المصنف.

إذا عرَفت هذا فقد قال الرَّافعي في الشرح المشهور عند الأصحاب: إن الإجماع السّكوتي حجة، وهل هو إجماع؟ فيه وجهان.

وقال الشَّيخ أبو إسحاق في "اللَّمع": إنه إجماع على المذهب (٤).

فقول الرَّافعي: إنه حجة، وهل هو إجماع؟ يقتضي أن الحُجَّةَ قسيمة للإجماع، وهو صنيع ابن الحاجب، وإياه أراد الرَّافعي قطعًا، وإلا فلو أراد بكونه حجة أنه إجماع لما صح دعواه اشتهار كونه حجَّة، والتردد على وجهين في كونه إجماعًا، ولمعارضه (٥) نقل إمام الحرمين ظاهر مذهب الشافعي أن ليس بإجماع.

ونقل القاضي وغيره، وقول الشيخ أبي إسحاق: إنه إجماع على المذهب فيعارض نقل إمام الحَرَمَيْنِ عن ظاهر المذهب.

والجواب: أنَّا جعلنا الحُجَّة في مُقَابلة الإجماع، وهي قسيمة كما ذكرتم، ومرادنا بالإجماع


(١) في أ، ت، ح: قسمة.
(٢) سقط في ت.
(٣) في ت، ح: نقلًا.
(٤) ينظر: التبصرة (٣٩١).
(٥) في أ، ب، ت، ح: ولعارضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>