للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنْ كَانَ فُتْيَا لَا حُكْمًا.

المنفي: الإجماع القطعي، وبالحجة المُثْبتة: الإجماع الظني، وهما قسمان داخلان تحت مطلق الإجماع، كالرجل والمرأة داخلان تحت مطلق الإنسان.

وصاحب الكتاب مترددٌ بين كونه إجماعًا قطعيًا، وإليه أشار بقوله: إجماعًا أو ظنيًّا وإليه أشار بقوله: حجة، وعليه دلَّ قول "المختصر الكبير": هو حُجَّة، وليس بإجماع قطعي، ونحوه قول الآمدي في آخر المسألة؛ الإجماع السُّكوتي ظنِّيٌّ، والاحتجاج به ظاهر لا قطعي.

وبهذا يظهر لك أن الإجماع المنفي في كلام القاضي وإمام الحرمين: هو القطعي وهما لا يتكلّمان في غيره.

فمذهبُ الشَّافعيِّ: أنه ليس بإجماع قطعي، والمثبت في كلام الرافعي هو الظَّني الذي عبر عنه بقوله: حُجَّة، وهو الذي عبر عنه الشيخ أبو إسحاق بأنه: إجماع على المذهب (١).

وأما متقدمو الأصوليين فلا يطلقون لفظ الإجماع إِلَّا على القطعي.

فإن قلتَ: كما تقول: بأن السُّكوتي إجماع هل تقول بأنه قطعي مع وقوع هذا الاختلاف المتجاذب الأطراف؟

قلتُ: هذا مكانُ التَّحْقيق فنقول: هل السُّكوت غير دالّ على الموافقة أو دالّ؟ وإذا كان دليلًا فهل هو قطعي أو ظني؟ وإذا لم يكن قطعيًّا، وكان ظنيًّا فهل هو حجة؟ وإذا كان حجة، فهل هي قطعية أو ظنية، فهذه احتمالات ذهب إلى كل منها ذاهبٌ.

والقاضي أبو بكر وغيره ممن لا يكتفي بالظّنون في مسائل أصول الفقه لا يمنع إثارته الظن، ولكن يقول: الظَّن لا تقوم به الحُجَّة؛ فلذلك ينفي (٢) عنه لفظ الإجماع.

والمشهور عند أصحابنا - كما ذكر الرَّافعيُّ - أنه حُجَّة.

فإن قلت: فلم لا يصرح بتسميته إجماعًا؟

قلت: قد سماه أبو إسحاق الشِّيرازي إجماعًا، وعُذْرُ من لم يسمه (٣) قائمٌ من أوجه:

أحدها: أنه لا غرض في هذه التَّسمية، إنما الغرض قيام الاحتجاج به.


(١) في ح: المذاهب.
(٢) في ح: ينبغي.
(٣) في ت: يسمعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>