للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والثَّاني: أن المتقدمين لا يطلقون لفظ الإجماع إلا على القَطْعِيّ، وهو اصطلاح لهم مجرد ناشئ عن عدم اكتفائهم في مَسَائل الأصول بالظنون.

والثالث: سِرّ دقيق، وهو المعتمد وهو أن لنا خلافًا لفظيًّا في تسميته بالإجماع، وصرَّح بحكايته الأستاذ أبو إسحاق في "تعليقته" والبندنيجيُّ في "الذخيرة" - كما قدمناه - وصرَّحا بأنه: خلاف في العبارة فقط.

والقائلون بانتهاضه حُجَّة مع كونه مثيرًا للظّن فقط، لهم خلاف في أنه قطعي أو ظني، فقال الأستاذ أبو إسحاق والبندنيجي: إنه مقطوع به.

وليس مرادهم بكونه مقطوعًا به القطع بأن الإجماع حاصل، إذ لا سبيل إلى ذلك مع أن الشُكوت يحتمل أوجهًا سوى الرضا، بل إن حكم الله قطعًا ما ظنناه، وقد أشار إلى هذا البندنيجي.

وقال آخرون: بل ظني - واختاره ابنُ السَّمْعَاني في أثناء المسألة -.

الأمر الثَّاني: في اختيار المصنّف.

قد قلنا: إنه متردّد بين كونه قطعيًّا، فهو (١) المراد بقوله: إجماع، أو ظنيًّا، وهو المُرَاد بقوله: حُجَّة، ولم يطلق على الحجة لفظ الإجماع؛ للأعذار التي قَدَّمنا، فكلٌّ من القَطْعي والظَّنِّي يحتج به، وليس المراد من كونه قطعيًّا أنا نقطع بأن الأمة أجمعت (٢) فإن ذلك لا سبيل إليه مع قيام الاحتمال، بل إنا نقطع بأن حكم الله ما ظنناه، وعليه دَلَّ كلامه في "المختصر الكبير" و"الإحكام" كما عرفت.

وقال بعضُ الشَّارحين: إجماع قطعي إن علم أن سكوتهم عن رضا، وإلا فحجَّة، وهو فاسد من وجهين:

أحدهما: أنه إذا علم أن سكوتهم عق رضا لم يكن من صور الإجماع السكوتي - كما قدمنا -، وبه صرَّح من سيذكر اسمه عند الكلام على هذا القيد إن شاء الله تعالى.

والثاني: أن سكوتهم إذا لم يعلم أنه عن رضا فوراءه حالتان:

إحداهما: أنه يعلم أنه عن سخط، وليس بحُجَّة بلا نظر، وكذا إذا ظَنّ.


(١) في ب: وهو.
(٢) في ح: اجتمعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>