. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والثانية: أن يجهل الحال، فيكون حُجَّة بمعنى أنه إجماع، ولا يلزم من كونه - حجة، وأنه إجماع ألَّا يكون قطعيًّا حتَّى يجعل قسمًا مقابلًا للقطعي، بل جاز كونه مظنونًا، ونقطعُ مع ذلك بكونه حجَّة كما سلف.
الأمر الثَّالث: في القُيُودِ.
أولها: كونه في مسائل التَّكليف ولا بُدَّ منه، ولا يغني عنه لفظ الفُتْيَا، فإن مثل قول القائل: عَمَّار أفضل من حُذَيفةَ، وبالعكس لا يدلّ السكوتُ فيه على شيء، إذ لا تكليف على الناس فيه.
وثانيها: أن يعلم أنه بلَغ جميع أهل العصر ولم ينكروا؛ وإلا فلا يكون الإجماعَ السكوتي ووراءه حالتان:
إحداهما: أن يغلب على الظَّن أنه بلغهم؛ لانتشاره، وشهرته، فهل يكون إجماعًا أيضًا؟
لم أرَ أحدًا صرَّح بذكر هذا غير الأستاذ أبي إسحاق فذكر: أنه إجماع على مذهب الشافعي، واختاره أيضًا وجعله درجة دون الأول.
والثانية: ألَّا يغلب على إلظن، بل يكون في مجاري الاحتمال، وسيذكرها المصنف في دلائل المسألة.
وثالثها: كون السكوت مجردًا. أما إذا كان معه أمارة رضا فقال الرّوياني من أصحابنا: يكون إجماعًا بلا خلاف.
وكذا قال القاضي عبد الوَهَّاب المالكي فيما نقله بعضهم: وقضية ذلك أنه إن ظهرت أمارات السّخط، وأما إذا استصحب فعلًا يوافق الفُتْيَا، فالأمة حينئذ منقسمة إلى قائل به وعامل وذلك إجماع بلا نزاع، نصّ عليه القاضي عبد الوَهَّاب في "الملخص".
ورابعها: مضى زمان يسع قدر مُهْلة النظر عادة في تلك المسألة، ولا بد منه ليندفع احتمال أن السَّاكتين كانوا في مُهْلَةِ النظر.
وخامسها: ألَّا يتكرر ذلك مع طول الزمان.
وأنا أقول: لا بد منه، وذلك أنه إذا تكررت الفُتْيا، وطالت المدة مع عدم المخالفة، فإن ظن مخالفتهم يترجح.