للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْفَرْضَ قَبْلَ اسْتِقرَارِ الْمَذَاهِبِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَنْتَشِرْ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.

حكم الحاكم يُسقط الاعْتِرَاضَ ورفع الخلاف، بخلاف قول المفتي.

وهذا منه يقتضي أنه إنما يقول: لا يكون حجة إذا كان الصَّادر من الحاكم حكمًا كما نقل المصنّف.

وأما إذا صدرت منه فُتْيا، فهو كبقية المجتهدين.

قال: ولأن؛ في الإنكار على القاضي افْتِيَاتًا.

قال: ونحن نحضر مجالس [الحاكم] ونراهم (١) يفتون بخلاف مذهبنا، ولا ننكر.

وهذا الوجه يقتضي أنه لا يكون حُجَّة، وإن كان الصَّادر من القاضي فُتْيا لا قضاء كما نقله الإمام الرازي.

الشرح: "وأجيب بأن الفرض" أنَّ ترك الإنكار إنما هو "قبل استقرار المَذَاهب"، وهناك (٢) يجب إنكار الحكم كما يجب إنكار الفُتْيَا، وما ذكرت من الافْتيَاتِ وأن الحاكم يهاب، فجوابه: أن من ترك الإنكار مُرَاعاة وتقية (٣) لا عِبْرَةَ [به] (٤)؛ لأن من تسامح في الدِّين ولو بمسألة واحدة يخرج عن الأهلية.

وإن فُرض أن القاضي ظالم يتعيَّن على من أنكر عليه في مسائل الاجتهاد ومواضع الإنكار، فهو غير أهلي فلا يعتبر قوله فضلًا عن أن يَصِيرَ إجماعًا، ولا وجه حينئذٍ لتفصيل ابن أبي هريرة إلا إذا كان فيما أتى به الحاكم حكمًا، كما هو ظاهر نقل المصنف، وكذا ذكره ابن السَّمْعَاني وغيره - وجوابه ما ذكر المصنّف - وقد عكسه أبو إسحاق المَرْوَزِيّ كما عرفت معللًا (٥) بأن الأغلب بأن الصادر من الحاكم يكون عن تشاور.

فإن قلت: حكاية هذين المَذْهَبَينِ ترديد في الواقع؛ لأنكم صدَّرتم المسألة بقولكم: إذا أفتى واحدٌ، فالترديدُ يعد في الفُتْيَا والحكم ترديد في الوَاقِعِ.


(١) في ح: ولا نراهم.
(٢) في حاشية ج: قوله: "وهناك يجب … إلخ" يقيد بهذا قولهم: إنما ينكر المنكر ما خالف عقيدة المنكر عليه.
(٣) في أ، ح: وبغية.
(٤) سقط في ح.
(٥) في ت، ح: معتلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>