للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلاف في متغيّر بِتُرَاب طُرحَ قصدًا، أو بأوراق مُتَفَتِّتَة، أو غير ذلك فهو اختلاف في أن الاسم سلب، أو لا.

ومنها: الضرر مجتنب في البَيْعِ للحديث، فإذا اختلف في بيع الغائب المَذْكُور صفته، وأثبت خيار الرُّؤية على الفَوْرِ (١) لصحّته آل إلى أن مثل هذا هل ينفي الغَرَر؟

وكذا بيع السَّمك في الماء والطَّيْر في الهواء لا يصح؛ للغَرَرِ (٢)، فلو كان السمك في بِرْكة


(١) هو من إضافة الشيء إلى شرطه، وأما سببه، فهو عدم الرؤية، وأصله في مبيع معين غير مرئي عند العقد عليه، وأما كونه غير مرئي؛ فلأنه موضوع هذا الخيار؛ لأن سببه كما قَدَّمْنَا هو عدم رؤية المبيع، وأما شرط كونه معينًا؛ فلأن الثابت في الذمة إن جاء على الوصف الذي وصف به، فقد لزم المشتري قبوله، ولا يجوز له رده، وإن جاء على غير ما وصف، فله رَدُّهُ لا لثبوت خيار الرؤية فيه، ولكن لأنه غير المبيع. ويعرف خيار الرؤية: بأنه حق المشتري في فسخ البيع وإمضائه عند رؤيته المبيع المعين الذي لم يره عند العقد. مثاله: أن يقول البائع للمشتري: بعتك محصول أرض بجهة كذا من القمح هذا العام على أن يكون ثمن الإردب كذا، فيقبل المشتري، وهو لم يسبق له أَنْ رأى هذا القمح. وخيار الرؤية يجعل البيع قبل الرؤية غير لازم؛ وذلك لعدم تمام الرضا بالبيع من المشتري، وهو يلزم عدم لزوم البيع، كخيار الشرط، ويكون غير لازم من جهة المشتري، وفي قول عند المالكية من جهتهما معًا، ولكنه ضعيف، فللمشتري أن يفسخ البيع إن أراد بمقتضى عدم اللزوم لا بمقتضى خيار الرؤية؛ فإنه معلق بالرؤية، ولم توجد بعد. ويستمر له هذا الحق ما دامت لم توجد الرؤية، حَتّى ولو أجاز البيع؛ لأن هذه الإجازة غير معتبرة شرعًا؛ لأن الرضى لا يتحقق قبل الرؤية. وقد أورد الكمال في "فتح القدير" إشكالًا على ثبوت حق الفسخ للمشتري قبل الرؤية حاصله: أن إثبات قدرة الفسخ والإجازة التي هي عبارة عن الخيار - معلق بالرؤية، ولما كان البيع في الأصل يقتضي اللزوم، فقبل الرؤية يلزم مقتضاه، وهو اللزوم، حتَّى توجد الرؤية، وعندها تثبت قدرة الفسخ والإجازة معًا. وهذا الكلام مقبول لدى العقل، وبالنسبة لقواعد المذهب غير مقبول؛ لأن هذا الخيار يمنع تمام الحكم عتد الحنغمية، فلو لزم البيع قبل الرؤية لاستلزم تمام الحكم؛ لأنه لا معنى للزوم شيء لم يتم حكمه بعد. هذا، وأما حكم البيع قبل الرؤية عند الحنابلة في الغائب الموصوف، فهو اللزوم، فليس للمشتري أن يفسخ قبل الرؤية، بل ولا بعدها ما دام المبيع قد جاء على الوصف؛ لتمام البيع قبل الرؤية وبعدها بالرضا الناشيء عن العلم بالمبيع بواسطة وصفه. وإنما ثبت له الخيار إذا رآه متخلفًا وصفه بالقياس على ما لو ظهر المبيع معيبًا بعيب عند البائع.
(٢) والغرر: التردد بين أمرين أحدهما على الفرض والثاني على خلافه، كبيع السلعة بقيمتها التي ستظهر في السّوق أو التي يقولها أهل الخبرة، وإنما نهى عنه للجهل بالعوض وقت العقد، فيفضي إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>