للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفي الصَّحيحِ: أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: ثُمَّ صَارَ إِجْمَاعًا.

والإصْطَخْرِيّ، وابن خَيْرَان (١)، والقَفَّال الكبير، والقاضي أبو الطّيب، وابن الصَّباغ، ومن متأخريهم: الإمام الرَّازي وأتباعه.

"وقال بعض المجوّزين": إنه "حجَّة" ويرتفع الخلاف المتقدم، وتصير المسألة إجماعية، وهو رأي أكثرهم.

وقال شرذمةٌ منهم: لا يكون حُجَّة.

"والحق" - عند صاحب الكتاب، - في مثل هذا الإجماع "أنه بعيد" وقوعه؛ لأنه غالبًا لا يكون "إلا" عن جَلِيّ، وتبعد غفلة المخالف عنه إلَّا "في القليل".

وهذا استثناء منقطع أي: لكن وقع قليلًا، والوقوع قليلًا لا ينافي البعد، "كالاختلاف في" بيع "أم الولد"، فإنه وقع بين الصَّحابة "ثم زَالَ"، فروى حماد بن زيد عن أنس بن سِيرِينَ عن عَبِيدَةَ السَّلْمَاني قال: كَتَب إِلَيَّ عليٌّ وإلى شريح يقول: إنِّي أبغض الاختلاف فاقضوا كما كنتم تقضون - يعني: في أم الولد - حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات صاحباي، وروى البخاري مثله من رواية عبيدة عن علي، وليس فيه ذكر "أم الولد".

ولقائل أن يقول: لا نسلّم وقوع الاتِّفَاق، فقد ذهب بعض العلماء إلى بيعهنّ. سلمناه، ولكن المجمعين هنا أهل العصر بعينهم، لا أهل العصر الثَّاني بدليل علي وهو من الصّدر الأول، فليس ذلك صورة مسألتنا.

"والصَّحيحُ": أن عثمان بن عفان كان ينهى عن المُتْعَةِ" - متعة الحج - وذلك ثابت في صحيح مسلم (٢).

"قال البغوي" في "شرح السُّنة" (٣): "ثم صار إجماعًا" أي: صار إجماعًا أنها جائزة.


(١) أبو علي الحسين بن صالح بن خيران، كان من أئمة مذهب الشافعي. قال الخطيب: كان من أفاضِل الشيوخ وأماثل الفقهاء مع حسن المذهب، وقوة الورع، وأراد السلطان أن يوليه القضاء فامتنع واستتر، وسمر بابه لامتناعه. مات سنة ٣١٠. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ٩٢، وتاريخ بغداد ٨/ ٥٣، وشذرات الذهب ٢/ ٢٨٧.
(٢) أخرجه البخاري حديث (١٥٦٣)، وطرفه في (١٥٦٩)، ومسلم ٣/ ٨٩٧، كتاب الحج: باب، جواز التمتع (١٥٩/ ١٢٢٣).
(٣) وهو بتحقيقنا، وقامت بنشره دار الكتب العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>