(٢) أصل المتعة في اللغة: الانتفاع، يقال: تمنعت بكذا، واستمتعت بمعنى، والاسم المتعة. قال الجوهري: ومنه متعة النكاح، ومتعة الطلاق، ومتعة الحج؛ لأنه انتفاع، والمراد بالمتعة هنا أن يتزوج الرجل المرأة مدة من الزمن، سواء أكانت المدة معلومة، مثل أن يقول: زوجتك ابنتي مثلًا شهرًا، أو مجهولة مثل أن يقول: زوجتك ابنتي إلى قدوم زيد الغائب، فإذا انقضت المدة، فقد بطل حكم النكاح، وإنما سمي النكاح لأجل بذلك لانتفاعها بما يعطيها وانتفاعه بقضاء شهوته، فكان الغرض منها مجرد التمتع دون التوالد وغيره من أغراض النكاح. وقد كانت المتعة منتشرة عند العرب في الجاهلية، فكان الرجل يتزوج المرأة مدة ثم يتركها من غير أن يرى الجرب في ذلك غضاضة، فلما جاء الإسلام أقرهم على ذلك في أول الأمر، ولم نعلم أن النبي ﷺ نهى عن المتعة إلا في غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة، فقد روي عن علي ﵁ أن رسول الله ﷺ "نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية" واستمر الأمر على ذلك حتى فتح مكة حيث ثبت أن النبيّ ﷺ أباحها ثلاثة أيام، وفي بعض الروايات أنه أباحها يوم أوطاس. ولكن الحقيقة أن ذلك كان في يوم الفتح، ومن قال يوم أوطاس فذلك لاتصالها بها، ثم حرمها رسول الله ﷺ بعد ذلك إلى يوم القيامة. فيعلم من هذا أن المتعة كانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت في خيبر، ثم أبيحت يوم الفتح، ثم حرمت بعد ذلك إلى يوم القيامة، فتكون المتعة مما تناولها التحريم والإباحة مرتين. وقد نشأ من هذا الاختلاف في المتعة بين الصحابة، فمنهم من يرى أن إباحة المتعة قبل خيبر كانت للصررة وللحاجة ثم لما ارتفعت الحاجة في خيبر نهى عنها رسول الله ﷺ، ثم لما تجددت الحاجة عام الفتح أذن فيها، ولما ارتفعت الحاجة نهى عنها. وعليه فتكون المتعة مباحة عند الحاجة، وبهذا=