للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عندنا، ما نبديه الآن فنقول: إن قرب عَهْد المختلفين، ثم اتفقوا على قول فلا أثر (١) للاختلاف المتقدّم، وهو نازل مَنْزِلة تردّد ناظر واحد أولًا مع استقراره آخرًا. وإن تمادى الاختلافُ في زمن مُتَطَاول بحيث يقضي العرف، فإنه لو كان ينقدح وجه في سقوط أحد القولين (٢) مع طول المُبَاحثة لظهر ذلك للباحثين.

وإذا انتهى الأمر إلى هذا المُنْتَهَى، فلا حكم للوفاق على أحد القولين، ثم قال: وشفاء الغَلِيلِ في ذلك أن رجوع قوم، وهم جَمّ (٣) غَفِير إلى قول أصحابهم حتى لا يبقى على ذلك المذهب المُتَمَادَى أحد ممن كان ينتحله لا يقع في مستقر العادة، فإن الخلاف إذا رَسَخَ وتناهى الباحثون، ثم لم يتجدَّد بلوغ خبر أو أثر يجب الحكم لمثله، فلا يقع في العُرْف دروس مذهب طال الذَّبُّ عنه.

فإن فرض فارضٌ ذلك، فالإجماعُ فيه محمول على أنه بلغ الرَّاجعين أمر سوى ما كانوا يخوضون (٤) فيه من مَجَالِ الظُّنون، ثم غاية الأمر إن انتهى الأمر إلى أنهم قطعوا بذلك، فوفاقهم إجماع حملًا على هذا.

وعليه ثمّ انبنى أصل الإجماع، فإن فرض فارض عدم القَطْع مع الرجوع عن المَذْهَبِ القديم، فهذا بعيد في التصور وإن تصور ذلك على تكلف فما أرى (٥) ذلك بالغًا مبلغ الإجماع، فإنه لا ينقدح فيه دعوى سكت من يتعقق بالقول المرجوع (٦) عنه حيث انقدح ذلك في مواقع القَطْع، ثم قال: أما إذا انقرض عصر مع طول الزَّمان، فإن المعتمد عندنا طول الزَّمَان على الخلاف، ثم اجتمع علماء العصر الثَّاني على أحد المذاهب، فالوجه ألا يجعل ذلك إجماعًا. انتهى.

وقوله: ثم غاية الأمر … إلخ ممَّا لا تنازعَ فيه، فإن دعوانا أن العادة تحيل، والقول الفصلُ: إنه إن وقع كان إجماعًا.

وإمام الحرمين يقول: إنه فيما إذا وقع مع عدم القَطْعِ لا يبلغ مَبْلَغ الإجماع.

وهو صحيح، ومراده بالإجماع المقطوع، وهذا إجماع مظنون، ومراتب الإجماع متقاربة.


(١) في ح: إرث.
(٢) في ب: القول.
(٣) سقط في ح.
(٤) في ت، ح: يخرصون.
(٥) في ت، ح: أدري.
(٦) في ت، ح: المرجوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>