للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: اشْتَمَلَ الْكَامِلُ وَالنِّصْفُ عَلَيْهِ.

قيل: كدية المسلم. وقيل: نصفها. وقيل: ثلثها، وهو مذهب الشَّافعي، وهل يكون الأخذ بالأقل دليلًا؟ اختلف أصحاب الشَّافعي فيه على وجهين.

والضربُ الثَّاني: أن يكون فيما هو ثَابِتٌ في الذِّمَّة، كالجمعة الثابت فرضها، اختلف العلماءُ في عدد انعقادها، فلا يكون الأخذ بالأقلّ دليلًا لارْتِهَان الذِّمة بها، فلا تَبرأ الذِّمة بالشَّك، وهل يكون الأخذ بالأكثر دليلًا؟ فيه وجهان:

أحدهما: يكون دليلًا، ولا ينتقل عنه إلا بدليل؛ لأن الذمة تبرأ بالأكثر إجماعًا، وبالأقل خلافًا، ولذلك جعلها الشَّافعي منعقدةً بأربعين؛ لأن هذا العدد أكثر ما قيل.

والثاني: لا يكون دليلًا؛ لأنه لا ينعقدُ من الخلاف دليلٌ في حكم، والشافعي إنما اعتبر الأربعين بدليل آخر.

وذكر ابنُ السَّمْعَاني: إنَّ هذا كلَّه كلام بعض أصحابنا، وأنه ليس فيه كبير معنى قالوا: والوجوه ضعيفة، لكن تغلب (١) على ما ذكر. انتهى.

وأنا أقول: الأخذ بالأقل عبارة عن الأخذ بالمتحقّق، وطرح المشكوك فيما أصله البراءة، والأخذ بما لم يخرج عن العُهْدَة يتعيَّن فيما أصله اشتغال الذّمة، هذا حقيقته فافهمه، ولذلك جعل الأخذ بالأكثر في الضرب الثَّاني - وهو ما أصله شغل الذّمة - بمنزلة الأخذ بالأقل في الأول.

وقد وهم بعض الضَّعفة فأورد عدد الجمعة سؤالًا على الشَّافعيين، ولم يعلم أن الأخذ فيه بالأكثر بمنزلة الأخذ في دية اليَهُودِي بالأقلِّ.

فإن قلت: حقق لي هذا الفرق، فإن شغل الذِّمّة بصلاة الجُمُعَةِ متحقق، وشغلها بِدِيَةِ اليهودي متحقّق، وبراءتها بعدد الأربعين متحققة، وبمقدار دِيَةِ المسلم متحقّقة، والخروج عن العُهْدَةِ بالأقل من دية المسلم بمنزلة الخروج بالأقل من عدد الأربعين، وحينئذ يتوجه السّؤال، ولا يتجه الانقسام إلى ضربين.

قلت: هذا تشكيك معضل، فينبغي التمهُّل في استماع (٢) جوابه، فنقول: المركّب من أجزاء على قسمين:


(١) في ب: يغلب.
(٢) في ت، ح: إسماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>