للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وهذا الدَّليلُ فيه نظر لا غرض لنا هنا في ذكره.

ومن هنا أخذ الآمدي التَّفصيل الذي اختاره، فقال (١): اختلفوا في تكفير جاحد الحكم المجمع عليه، فأثبته الفقهاء، وأنكره الباقون مع اتفاقهم على أن إنكار حكم الإجماع الطني غير موجب كفرًا.

والمختار: إنما هو التفصيل، وهو أن اعتقاد الإجماع.

إما أن يكون داخلًا في مفهوم اسم الإسلام كالعبادات الخمس ووجوب اعتقاد التوحيد والرسالة، أو لا يكون كذلك كالحكم بحِلّ البَيْعِ وصحَّة الإجارة ونحوه، فإن كان الأول فجاحده كافر؛ لمزايلة حقيقة الإسلام له، وإن كان الثَّاني فلا. انتهى.

وهذا التفصيل ليس قولًا ثالثًا كما فهمه بعض شارحي "المختصر"، وإلا كأن تخرج من كلامه أن لنا قائلًا يقول: وجوب اعتقاد التَّوحيد والرِّسَالة لا يكفر منكره، وإنما الأمر على ما قررناه من أن المجمع عليه، إن اشتهر وعضد نصّ فليس من المسألة التي نحن فيها في شيء، ويكفر منكره بإجماع المسلمين، كمنكر العِبَادَاتِ الخمس، ونحوها.

وإن لم يعضده نصّ، بل كان مشتهرًا، فقط ففيه خلاف، الأصح: التَّكفير.

ويخرج من كلام الآمدي: أنه يختار هنا عدم التَّكفير، بل هو صريح كلامه، والحق خلافه، بل أقول: قضيَّة كلامه أنه يختار أن منكر المجمع عليه، وإن اشتهر واعتضد بنص لا يكفي ما لم يكن داخلًا في حقيقة الإسلام كحِل البيع فإنه مشتهر بنصّ.

وقد فَاهَ بعدم التَّكفير فيه، وهذا لا يعرف لأحد، فالاعتراض على الآمدي أزيد من الاعتراض على ابن الحَاجِبِ، وإن اختص ابن الحاجب بتصريحه بثلاثة مَذَاهب، والآمدي لم يصرِّح بها، ولم يَفُهْ بأن مكان اختياره من مواقع الخلاف.

ولو أن ابن الحاجب قال: منكر حكم [ما] (٢) علم من الإجماع القَطْعي.

ثالثها: إنْ وصل في الشُّهرة إلى ما اشتهر، وهو ذو نَصّ كالعبادات الخَمْس كفر منكره، وإن لم يكن فيه نصّ، وإلا فلا، وصح كلامه.

وحاصله: أن العبادات الخمس مشبه بها، وليست داخلةً في أماكن الخلاف، والمشبه دون


(١) ينظر: الإحكام ١/ ٢٥٥.
(٢) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>