للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ ضَرُورَةً وَلا نَتَصَوَّرُه، أَوْ تَقَدَّمَ تَصَوُّرُه، وَالْمَعْلوُمُ ضَرُورَةً

إثبات كلام النَّفس، وأبعده عن فَهْمِ الحقائق، وإنما هنا مسألتان.

الأولى: حقيقية، وهي إثبات كلام النفس للرب تعالى، وعليها البَرَاهين المقررة في علم الكلام.

والثانية: أن كلام النَّفس هل يُطلق عليه أنه كلام لغة، وهي مسألة لُغوية مُنْبِئة عن مدلولات الألفاظ استدللنا عليها بالآي التي تَلَوْنَاهَا، وقول عمر ، وقول الأخطل، والأخطلُ أعْرَابي، منطقه طَبْعُه، ويصح التمسُّك بمنظومه ومنثوره، ويقول: كل أعرابي وإن كان جِلْفًا بوَّالًا على عَقِبَيْهِ.

ثم اختلف في الخَبَرِ "فقيل: لا يحد لعسره.

وقيل": بل "لأنه ضروري" - وهو قول الإمام الرازي - وبيانه "من وجهين":

"أحدهما: أن كل أحد يعلم" بالضَّرورة مَعْنَى قول القائل: "إنه موجود ضرورة"، وهذا خبر خاص، والمطلق جزء من الخاص، وإذا كان الخاص، ضروريًا، "فالمطلق أولى".

"و" لا يقال: إذا كان ضروريًّا فلم يستدلون عليه؛ لأنا نقول: "الاستدلال على أن العلم" بالخبر "ضروري لا يُنَافي كونه" - أي: كون الخبر - "ضروريًا"؛ لجواز أن يكون تصور الخبر ضروريًّا؛ ويكون العلم بكونه ضروريًّا نظريًّا، لاختلاف متعلّقهما.

فإن قلنا: الكلُّ أعظم من الجزء، وضروري مع أن العلم بكونه ضروريًّا نظري؛ لاستدلالنا عليه بأن تصوّر الطَّرفين كافٍ في الجَزْمِ بالنسبة بينهما، وهذا "بخلاف الاستدلال على حصوله" - أي: حصول العلم بالخَبَرِ - "ضرورة"، [فإنه ينافي] (١) كون الخبر ضروريًّا؛ لاتحاد متعلّقهما.

فالحاصلُ: أنه يجوز كون الشَّيء ضروريًّا، وضروريّته نظرية، والاستدلالُ على الثَّاني لا ينافي دعوى ضروريته (٢).

"ورُدَّ" هذا الوجه "بأنه يجوز أن يحصل" العلم بوجود الخَبَرِ "ضرورة، ولا يتصّور" العلم به، "أو" يجوز أن يكون قد "تقدّم تصوّره" على حصوله.

والحاصلُ: أنَّا لا نسلّم أن العلم بحصول الخبر الخاصّ يستلزم تصوّره معه، أو قبله،


(١) في أ، ت، ح: فإنه ما في.
(٢) في ب: ضرورته.

<<  <  ج: ص:  >  >>