للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُبُوثُها أَوْ نَفْيُهَا، وَثُبُوتُهَا غَيْرُ تَصَوُّرِهَا. الثَّانِي: التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ضَرُورَة، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ.

"والمعلوم" من القضيَّة الخاصَّة "ضرورة": إنما [هو] (١) "ثبوتها (٢) أو نفيها" لا تصوّرها، "وثبوتها غير تصوّرها"، وغير مستلزم له.

وأوضح من هذا الرَّد لفظًا مع تأدية معناه، وزيادة أن نقول: لا نسلّم بَدَاهَةً من حيث نصوص الخبريَّة، بل من حيث الحصول والانتفاء لا غير، بدليل أنه يمكننا تعقُّله مع الذهول عن خصوص ماهيَّة الخبرية، ويؤكد هذا اختلاف العُقَلاء في الوجود، هل هو عين الماهيَّة، أو أزيد؟، فلو كان تعقُّل تلك القضيَّة بديهيًّا من حيث الخَبَرِيَّة بوجب أن يعلم بالبديهة كونه غير المَاهِيَّة ضرورة أن تعقّل الخبرية يتوقّف على تعقُّل المخبر عنه، والمخبر به، والنِّسبة.

سلمنا، لكن لا يلزم من بداهته من حيث خصوصيته خبريته بَدَاهَةً مطلق الخبرية؛ لأن أجزاء القضية البَدِيهِيَّة لا يجب أن تكون بديهيَّة؛ لاحتمال أن تكون بَدَاهَة تلك القضية بعد تعقل أجزاء ذلك الخبر، ولو بالكَسْبِ وهو غير قَادِحٍ في بَدَاهَتِهَا.

"الثَّاني" من الوجهَيْنِ لو لم يكن ضروري التصوّر لم تحصل "التفرقة بينه وبين غيره"، كالأمر والنهي ونحوهما "ضرورة"، لكن التفرقة حاصلة، "وقد تقدم مثله" تقريرًا وجوابًا.

قال القطب الشيرازي وغيره: وهذا سهو من المصنف، فإنه لم يتقدم مثله إلا في المنتهى الذي هذا المختصر مختصر منه.

قلت: ويحتمل أن يشير به إلى ما تقدّم في العلم؛ إذ قيل: إنه ضروريّ من وجهين، وهو مثل هذا من هذا الوَجْهِ، وهو أنه ضروريّ لوجهين.

ثم قيل في جوابه: إن التَّفرقةَ بين شيئين غير مسبوقةٍ بتصوّرهما بطريق الحقيقة، ثم التمييز بين الأمر والخبر مثلًا، إنما هو بعد معرفتها لا مطلقًا، فلا يدلّ ذلك على أن معرفته بديهيةٌ، وإلا لزم أن يكون معرفة الأمر أيضًا بديهية، ولم يقل به أحد، وقد ساعدنا الإمام على أن الأمر يحدّ.


(١) سقط في ح.
(٢) في حاشية ح: قوله: ثبوتها … إلخ فالمعلوم ضرورة نسبة الوجود إليه إثباتًا، وهو غير تصور النية التي هي ماهية الخبر، فلا يلزم أن تكون ماهية الخبر ضرورية.

<<  <  ج: ص:  >  >>