للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْقَاضِي وَالْمُعْتَزِلَةُ: الْخَبَرُ الْكَلامُ الَّذِي يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، وَاعْتُرِضَ بِأنهُ يَسْتَلْزِمُ إِجْمَاعَهُمَا وَهُوَ مُحَالٌ لا سِيَّمَا فِي خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى - أَجَابَ الْقَاضِي بِصِحَّةِ دُخُولِهِ لُغَةً فَوَرَدَ أَنَّ الصِّدْقَ الْمُوَافِقُ لِلْخَبَرِ، وَالْكَذِبَ نَقيضُه، فتَعْرِيفُهُ بِهِ دَوْرٌ وَلا جَوَابَ عَنْهُ.

الشرح: و"قال القاضي" عبد الجَبَّار، "والمعتزلة، إلا شرذمةً منهم: "الخبر: الكلام الذي يدخله الصدقُ والكذبُ" (١).

"واعترض بأنه يستلزم اجتماعهما" في كل خبر؛ لأن "الواو" تقتضي الجمع، "وهو" - أي: اجتماعهما - "محال"؛ لأنهما متقابلان، ويمتنع اجتماع المتقابلين، "لا سيَّما" خصوص هذين المُتَقَابلين "في خبر الله"، فإنه صدق قطعًا أبدًا فأنَّى يجامعه الكذبُ؟

وفي مثل قول القائل: الثلاثة زوج، والاثنان فرد، فإنه كذب قطعًا، فأنى يجامع الصدق؟

وهذا الاعتراض ذكره القاضي أبو بكر لكنه لم يقل: يستلزم، بل قال: يوهم، أي: فالتحريف وُضِع لإزالة [الإيهَام] (٢)، وبلوغ النِّهاية في الإيضاح، فينبغي أن يُصَان عما يوقع في التَّشكيك، واعترف مع ذلك بصحّته، لكن الأحسن أن يقال: ما يتَّصف بكونه صدقًا أو كذبًا.

وكذا فهم عنه إمامُ الحرمين في "البرهان"، والغزاليُّ في "المستصفى" ولم يقل أحدٌ منهم: يستلزم.

وعلى تقدير الاستلزام - كما ذكر المصنّف - "أجاب القاضي" عبد الجَبَّار "بصحة دخوله لغة أي: أن الخبر الصَّادق يصحّ دخول الكذب عليه من حيث مفهومه لغة من غير اعتبار خصوص المادة، وعلى عكسه الكاذب.

"فورد" على عبد الجَبَّار أنَّ حاصل جوابه، "أنَّ" الخبر هو الذي يحتمل الصِّدق والكذب،


(١) وينظر: تهذيب اللغة ٧/ ٣٦٤، ولسان العرب ٢/ ١٠٩٠، وينظر المعتمد ٢/ ٥٤٤، والإحكام للآمدي ٢/ ٣ - ٧، والمسودة ٢٣٢، وشرح العضد ٢/ ٥٠، وفواتح الرحموت ٢/ ١٠٧، وشرح الكوكب ٢/ ٣٠٩، وتيسير التحرير ٣/ ٢٨، وحاشية البناني ٢/ ١١٠، وإرشاد الفحول ٤٤، وشرح تنقيح الفصول ٣٤٧، والبرهان ١/ ٥٦٤ (٤٨٨)، والمحصول ٢/ ١/ ٣٠٧، وتقريب الوصول (١١٩).
(٢) في ت، ح: الإبهام.

<<  <  ج: ص:  >  >>