حالة واحدة؛ لاجتماع المَقْبُولين اللَّذين هما نفس الصّدق والكذب، فتعين الإتيان بـ "الواو" دون "أو"، وإلا يلزم أن يكون قابلًا لأحدهما فقط، وليس كذلك؛ لأن القَبُول بالنسبة إليهما على وَتيرةٍ واحدة.
فمن قال: الجسم قابلٌ للحركة، أو السّكون على قَصْدِ التنويع، فالتقسيمُ أوهم أنه منقسم إلى ما يقبل الحركة دون السكون وعكسه، كما تقول: الحكم إما اقتضاء، أو تخيير، فإنه يقتضي انقسامه إلى أمرين كلّ منهما يُنَافي صاحبه، وليس ما نحن فيه، كذلك إذ هو في حال الحَرَكَةِ قابل للسُّكون وعكسه.
وإنما الذي لا يقبل الحَرَكَة السُّكون بخصوصه لا الجسم، كما أن الواجب الحُرْمة بخصوصه، وإن قبله أصل الحكم.
والقرَافيُّ قد أطْنَبَ في هذا وظنّ أنه اشتبه على إمام الحرمين تنافي القَبُولَيْنِ بتنافي المقبولين - وليس كذلك، وهذا لم يشتبه على الإمام، ولا القاضي من قبله؛ لأنهما - كما عرفت - لم يقولا: إن الحد يستلزم اجتماع الصِّدق والكذب المقبولين، وإنما قالا: يوهم ذلك، وهما لم يتحدثا إلا في المَقْبُولين، ولا حديث لهما في القَبُولين، [ولذلك](١) قال إمام الحرمين: ورأى القاضي ذكر الصدق والكذب على التَّنويع بلفظ "أو" - أمثل من الإتيان بهما بـ "الواو".
فإن من قال: ما يدخله الصّدق والكذب أوهم إمكان اتصالهما بخبر واحد، فإذا ردد ونوع وقال: ما يدخله الصِّدق والكذب فقد تحرّز. انتهى.
والصّدقُ والكذبُ الذي يوهم اتِّصالهما هما المَقْبُولان، لا القَبُولان، نعم إنما اشتبه تنافي القَبُولين بتنافي المَقْبولين على مَنْ قال:"لفظ الاستلزام" كالمصنّف فاعرف ذلك.
والحاصل: أن قولنا: الخَبَر محتمل الصِّدق والكذب كلام صحيح، فإن احتماله لهما موجود في حالةٍ واحدة.
وبهذا يظهر لك ضعف قول بعضهم في الرَّد: المُتَقَابلان يمتنع اجتماعهما في زمان واحد، أما في زمانين فلا.