للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"والواو" لا تقتضي اجتماع المعطوف والمعطوف عليه في زمان واحد، بل يقتضي اجتماعهما مطلقًا.

وبيان ضعفه أنه فهم أن المراد اجتماع المتقابلين، وقد بيَّنَّا أنه ليس المراد إلا اجتماع القبولين، وذلك هو الذي يستلزمه قولنا: الخبر ما يحتمل الصِّدق والكذب.

أما المقبولان، فلا يستلزمهما كما وضح، ثم قوله: يمتنع اجتماعهما في زمان واحد، أما في زمانين فلا.

قلنا: قد يقال: إذا وجد هذا في زمان، وذلك (١) في زمان غيره، فلا اجتماع أصلًا، وإنما تقرير الكلام وتحسينه وإجراؤه على أسلوب الحق الذي تقبله الفِطْرة (٢) السليمة وتَنْبُو عنه الأذهان السَّقيمة فـ "الواو" ما أحرره قائلًا:

إذا قلت: قام زيد وعمرو فـ "الواو "تقتضي مطلق الجَمْعِ، لا ترتيب في ذلك ولا مَعِيَّة، ونسبة الترتيب والمعية إليها على حد سواء كما سبق في موضعه، ثم الجمع ضم شيء إلى شيء، ولا يعقل ذلك إلا حالة التركيب، وإلا فلا انضمام، ولكن الانضمام في قولك: قام زيد وعمرو يصدق إما بحصول قيامهما في الوجود من غير نظر إلى صفته ووقته كما تقول: وجد الشافعي والغزالي، فإنك تشرك بينهما في أصل الوجود مع تَبَايُنِ زمانهما.

وإما بحصول قيامهما على وَجْهٍ خاص من مَعِيَّة أو غيرها؛ وأمر "الواو" أعم من ذلك كله، فقد لاح بهذا حُصُول معنى الجمع مع عدم الدّلالة على الجَمْعِ الخاصّ الذي هو المَعِيَّة بخصوصه، وبه يخرج الجواب عن قولنا: لا يصدق الجَمْع إلا في زمان واحدٍ، فإنه يقال: أي جمع؟ أصل الجمع أو الجمع الخَاصّ الذي هو المَعِيَّة؟

إن أريد الأول فمسلّم وقد حصل اجتماع الصِّدق والكذب في الحكم بقَبُولِ الخبر إياهما وأصل وجدانهما في الخارج، كما حصل اجتماع قيام زيد وعمرو في حكمك بقيامهما، وأصل وقوع قيامهما في الخارج، وحصل وجود الشَّافِعِيّ والغزالي في حكمك به وأصل وقوعه.

وإن أريد الثَّاني فممنوع؛ إذ "الواو" لا تقتضي ترتيبًا ولا مَعِيَّة.


(١) في ب: وذاك.
(٢) في ب: النظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>