الشرح: وهو رأي مأثور عن النَّظَّام، واحتج له فقال:"لنا لو حصل لكان عاديًّا، فيطّرد"، ويحصل العلم بخبر كل عدل.
وفيه نظر؛ إذ لِلْخصم أن يلتزم اطّراده.
قال:"ولأدَّى إلى تناقض المعلومين"؛ إذ لو أخبر عدل عن ثبوت شيء، وآخر عن نَقِيضِهِ - يلزم العلم بكلّ واحد من النقيضين.
وفيه نظر، فإن القائل بأن خبر العدل يفيد العِلْم، إنما يقوله إذا لم تكن قرينةُ الكذب موجودةً؛ لأنه يحكم على خبر العدل مجردًا عن القرائن، وقد يقال: انضمام خبر عَدْلٍ آخر إليه منافٍ له قرينة كذب أحدهما، فلا يفيد والحالة هذه خبر واحد منهما علمًا.
قال:"ولوجب تَخْطئة المخالف" فيه؛ لوجوب تَخْطِئَةِ مخالف اليقين. وفيه نظر؛ إذ قد يلتزم، والمُخْتار في الدليل أنا نجد من أنفسنا احتمال النقيض عند خبر الواحد، ولا نجده عند التَّوَاتُرِ، والمُعَاند في ذلك مكابر.
قال:"وأمَّا حصوله بقرينة، فلو أخبر ملك بموت ولده مشرف (١) مع صُراخٍ وجنازة وانتهاك حريم ونحوه - لقطعنا بصحّته".
وأنا أجيب عن هذا بأنه رُبّ غرض في ذلك، وإن كان احتمالًا ضعيفًا، فهو يمنع القطع.
قال القاضي أبو الطيب: وقد وقع مثل هذا بـ "خوارزم" مع القاضي الكعبي، قال: ووقع بـ "البصرة" أيضًا.
قال:"واعترض بأنه حصل به القرائن" - أي: ولم يحصل بخبر الملك.
"وردّ بأنه لولا الخبر لجوّزنا موت آخر".
ولك أن تقول: القرينة أفادت القَطْع بأصل الموت، لا بتعيين الميت، والخبر أفاد بعينه ظنًّا لا قطعًا.