للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: صِدْقُهُ مُمْكِنٌ فَيَجِبُ احْتِيَاطًا.

يحتمل المفسدة احتمالًا مظنونًا، وعدم الجلوس خالٍ عن ذلك يفينًا؛ فكان سلوكه متعينًا.

أما خبر الواحد من الشَّرعيات فإن العملَ به قد لا يخلو عن المَفْسدة؛ لاحتمال كذبه، ومع كذبه فالعمل بمضمون خبره مفسدة؛ وذلك لأن الشَّرع عندهم يبين المصالح [والمفاسد] (١)، فالمخبر به إنما يكون مصلحةً على تقدير صدق المخبر، وقد عارض صدقه احتمال كذبه، وإن كان مرجوحًا، وهو يمنع عمله خوفًا من الوقوع في المَفْسَدَةِ، ولا يلزم ذلك في الجلوس تحت الحائط، وسلوك الطَّريق المخوف ونحوهما؛ إذ ليس في الخلوّ عنهما شيء من احتمال المفاسد.

الشرح: "قالوا" - أي: المعتزلة أيضًا في الاستدلال على خبر الواحد - "صدقه ممكن، فيجب" العملُ به "احتياطًا".

قلنا: لا نسلّم أن الاحتياط العمل به؛ وهذا لأن [احتمال] (٢) الكذب قائم، والعمل به مع ذلك خطر.

[وتقريره] (٣): ولو تَمّ لكم الاحتياط، لوجب العمل بخبر الفاسق والكافر.

وهذا جواب جيد نصّ عليه القاضي في كتاب "التقريب"، وقال: لا جواب عنه.

ولم يذكره الآمدي ولا المصنّف [وسلَّمَا] (٤) الاحتياط، وقالا ما [تقريره] (٥): إن الاحتياط وإنْ كان مناسبًا، ولكن لا بد له من شَاهِدٍ بالاعتبار يكون أصلًا له، ولا شاهد له سوى خبر التواتر، وقول الواحد في الفتوى والشَّهَادة.

"[قلنا]: إن كان أصله المتواتر فضعيف"؛ لأن المتواتر يفيد العلم، فلا يلزم من إفادته لوجوب العمل إفادة الخبر الظَّني له.

وقد اعترض أبو الحُسَين في "المعتمد" بكلام ضعيف فقال: نفسده بإقامة القاطع على وجوب العمل بخبر الواحد.


(١) في أ، ت: المقاصد.
(٢) في ت: الاحتمال.
(٣) في ب: وتقدير.
(٤) في ح: وسلمنا.
(٥) في أ، ت، ح: تقديره، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>