للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْنَا: إِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْمُتَوَاتِرَ، فَضَعِيفٌ، وَإنْ كَان الْمُفْتِيَ، فَالْمُفْتِي خاصٌّ، وَهَذَا عَامٌّ. سَلَّمْنَا لَكِنَّهُ قِيَاسٌ شَرْعِيٌّ.

ولك أن تقول: فإذن أنت يا أبا الحسين مسلّم أن هذا لا ينتهض دليلًا على مطلوبك، وهو مفتقر إلى قاطع، والقاطع إذا انتهض، كنا في [غُنْيَةٍ] (١) عن هذا.

"وإن كان" أصله "المفتي" أو الشَّاهد، "فالمفتي" أو الشَّاهد "خاصّ وهذا عام؛ لأن العمل بهما في المستفتي والمشهود عليه فقط، ولا يتعدّى إلى كلّ واحد، بخلاف الرواية؛ فإنها تشمل جميع الخلق.

لا يقال: فأصل شرعية الفتوى والشَّهادة أيضًا يقتضي شرعًا عامًا؛ لأنا نقول: الرِّواية تشملُ جميع المكلّفين، والفتوى ليست حجة على المجتهدين، فكان عمومها أقلّ من الرواية، وقد قاس كثيرون خبر الواحد على الفَتْوَى والشَّهادة.

وهو قياسٌ مع إيضاح الفرق، وسأبدي في دلائل المسألة فرقًا لائحًا غير هذا.

وقال القاضي في "التقريب": لا أختار لك التمسُّك به، إذ الفتوى والشَّهادة ثبتا بقاطع - أي: وقياس الرواية عليهما قصاراه - إن صح وبطل الفارق - أمارة الظن فلا يصح.

أما أولًا: فلأنه لا يكتفي بالظَّن في مسائل الأصول.

وأما ثانيًا: فلأن الفَرْعَ حينئذ غير مساوٍ للأصل؛ إذ هو مظنون، والأصل مقطوع، فلا ينهض القياس.

هذا ما خطر لي في تقرير كلام القَاضِي - وإلى الأول أشار بقوله:

"سلّمنا"، ولكنه قياس ظَنِّي - أي: والظَّن لا ينفع هنا

وعلى ذلك قرره بعض الشَّارحين، وهو الذي ذكره الآمِدِيّ.

وفي نسخة المصنّف "قياس شرعي"، وعليها اعتماد أكثر الشارحين.

وذكروا في تقريره: أن المقيس عليه، وهو المتواتر [والمُفتى] (٢) - حكم شرعي ثبت بدليل شرعي، ومطلوب المستدلّ إثبات حجية خبر الوَاحِدِ بالعقل، فلا يتأتى له القياسُ.


(١) في أ: غيبة، وهو تحريف.
(٢) في ب: المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>