وذكروا كيفية جلبه للخصوم فقالوا: يجلب الخصوم إما برسول، أو خاتم، أو أمارة أو ورقة إن كان على مسافة القصر فأقل بمجرد الدعوى، وإن كان على أكثر منها فلا يجلبه إلا إذا شهد شاهد بالحق خشية أن يكون الغرض التشفي من المدعى عليه، وإنما يجلبه إذا كان بمحل ولايته. وقالوا: إن سماع الدعوى يكون حيث يوجد المدعى عليه على الأرجح. هذا بعض ما ذكروه من آداب القاضي وكيفية سيره في الدعاوى. ومن ينظر فيه وفي غيره مما ذكروه في ذلك يتبين له أن الدين الإسلامي قد أرشد إلى أنظمة الحكم أحسن إرشاد، ورسم للقاضي أحسن الخطط التي لو سار عليها ما عرف الجور إلى حكمه سبيلًا. وأن ما أرشد إليه ورسمه يفوق المذكور في لوائح المحاكم الحديثة في شرف الغاية ومساعدته على إقامة العدل على خير الوجوه. ولا ينقصه إلا الترتيب والتنظيم، وهو أمر يسير لا يتوقف الوصول إلى المقصود عليه. (١) في ت، ح: المحصنة. (٢) قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾، في هذه الآية ينهى الله المؤمنين عن الفرار من الكفار إذا التقوا بهم في القتال،=