للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: لا يَنْتَفي إِلَّا بِالْخِبْرَةِ أَوِ التَّزْكِيَةِ.

ومن آثار الخلاف في المسألة قَبُول المخالفين رواية أبي سَهْل عن مسة الأزدية - وهما مجهولان - عن أم سلمة أنها قالت: كانت النُّفَسَاءُ تقعد على عهد رسول الله أربعين يومًا.

فإن قلت: كيف قال الشافعي بانعقاد النكاح بحضور مستورين.

قلت: هذا هو الذي به وقع الزَّلل لمن نقل عن الشَّافعي العمل بخبر المَسْتُور، واعلم أن لأصحابنا أوجهًا في ذلك:

أحدها: لا ينعقد إلَّا بعدلين.

قال إمام الحرمين في "الأساليب": وهو الوجه.

والثاني: ينعقد بهما، وهو ظاهر النص والصحيح (١) أيضًا.

والثالث: إن كانا غريبين لم ينعقد النكاح بشهادتهما أصلًا، وإن كان الظّاهر العدالة، وقد عرفناهما وظننا بهما العدالة، ولم نبحث عن البَاطِنِ، فينعقد النِّكاح حينئذ.

فعلى عدم الانعقاد لا سؤال، وعلى الانعقاد نقول: قبول الرواية.

وإنما يتنزّل منزلة القضاء بالنِّكَاح، لا منزلة انعقاد النِّكَاح، والنكاح لا يقضى فيه التَّجاحد إلَّا بِعَدْلَيْنِ، فكذا الرواية.

وأما انعقاده فلأن من أحضر المستورين لم يترك الاحتياط والحزم؛ لأنه يعدلهما عند الاحتياج إليهما، إذا آل الأمر إلى الترافع، بخلاف المنتصر على فاسقيْن، ولو بَانَ الشَّاهدان فاسقين حال العقد، فالنكاح باطل على المذهب.

وقد ذهب إمام الحَرَمين في المستور إلى مقالة: أنا أحكيها، ثم أذكر ما عندي فيها.

قال: رواية العدل مقبولة، ورواية الفاسق مردودةٌ، ورواية المستور موقوفة إلى اسْتِبَانة حالته، فلو كُنا على اعتقاد في حل شيء، فروى لنا مستور تحريمه، فالذي أراه وجوب


(١) في حاشية ج: قوله: والصحيح أيضًا، أي: هو الصحيح أيضًا؛ لأن مقابل الأصح صحيح؛ فليس شديد الضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>