الثالث: في المأمور والمنهى: هل هو فرد بعينه أو طائفة بعينها أو سائر الأمة؟ والجواب أن ذلك لا يخفى على الصحابي، وذكره في مقام الاحتجاج يرفع الاحتمال، أما إذا لم يصرح الصحابي بالآمر والناهي ولا بصاحب السنة فهناك يأتي الاحتمال الرابع وهو: هل الآمر والناهي أو صاحب السنة هو رسول الله ﷺ فيكون مرفوعًا، أو غيره فلا يكون مرفوعًا؟. فقال الجمهور: هو مرفوع، وقال فريق - منهم أبو بكر الإسماعيلي -: ليس بمرفوع، وقيل، محل الخلاف إذا لم يكن القائل هو الخليفة الأول (أبو بكر ﵁. حجة الجمهور: مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي ومن يقتدى به في الحلال والحرام، وهو رسول الله ﷺ. وقالوا: الآمر والناهي إما أن يكون القرآن، أو الإجماع، أو بعض الخلفاء، أو الاستنباط، أو الرسول ﷺ. ولا يصح أن يريد الصحابي أمر القرآن؛ لكونه معروفًا يعرفه الناس، ولا الإجماع؛ لأن المتكلم به من أهل الإجماع، ويستحيل أمره بنفسه، ولا يريد الاستنباط بالقياس؛ إذ لا أمر فيه، ولا أمر الخلفاء؛ إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ، فتعين أنه أمر الرسول أو نهيه أو سنته. ووجه من خص الخلاف بغير الخليفة الأول: أنه لم يكن إمام فوفه حتى يأمره. حجة المخالفين: أولًا: احتمال أن يكون الآمر أو الناهي أو صاحب السنة غيره ﷺ، ومتى احتمل لا يكون حجة؛ فلا يصح الحكم عليه بالرفع. وقد ظاهر هذا الاحتمال ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن حنظلة السدوسي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته، ثم يدق بين حجرين، ثم يضرب به، فقلت لأنس: في زمان من كان هذا؟ قال في زمان عمر بن الخطاب. فهذا أنس بن مالك، وهو خادم رسول الله ﷺ أطلق الأمر، وأراد به أمرًا غير أمر رسول الله ﷺ، وهذا حنظلة السدوسي لم يفهم عن أنس أن الآمر كان هو الرسول ﷺ، فكيف =