للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ فِي الْحَرْبِ فَعَقَرَ رَجُلٌ فَرَسَهُ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَأْسٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ، وَقَدْ

يُبَاحُ فِي الضَّرُورَاتِ مَا لَا يُبَاحُ فِي غَيْرِ الضَّرُورَاتِ.

الْأَنْفَالُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): ثُمَّ لَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْخُمُسِ شَيْءٌ غَيْرُ السَّلَبِ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ «أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ خَيْبَرَ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ فَرَأَيْت رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَاسْتَدَرْت لَهُ حَتَّى أَتَيْته مِنْ وَرَائِهِ قَالَ: فَضَرَبْته عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْت مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْت لَهُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَمَرَ اللَّهُ، ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْت فَقُلْت مَنْ يَشْهَدُ لِي؟، ثُمَّ جَلَسْت، ثُمَّ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْت فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَك يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ فَقَصَصْت عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَاهَا اللَّهِ إذَا لَا يَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيك سَلَبَهُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَ فَأُعْطِهِ إيَّاهُ فَأَعْطَانِيهِ فَبِعْت الدِّرْعَ وَابْتَعْت بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْته فِي الْإِسْلَامِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا

وَاَلَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنْ يُعْطِيَ السَّلْبَ مَنْ قَتَلَ وَالْمُشْرِكُ مُقْبِلٌ يُقَاتِلُ مِنْ أَيْ جِهَةٍ قَتَلَهُ مُبَارِزًا، أَوْ غَيْرَ مُبَارِزٍ، وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبَ مَرْحَبٍ مَنْ قَتَلَهُ مُبَارِزًا وَأَبُو قَتَادَةَ غَيْرُ مُبَارِزٍ وَلَكِنَّ الْمَقْتُولَيْنِ جَمِيعًا مُقْبِلَانِ، وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَعْطَى أَحَدًا قَتَلَ مُوَلِّيًا سَلَبَ مَنْ قَتَلَهُ وَاَلَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ لَهُ سَلَبَ مَنْ قُتِلَ الَّذِي يَقْتُلُ الْمُشْرِكَ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ وَالْمُشْرِكُونَ يُقَاتِلُونَ وَلِقَتْلِهِمْ هَكَذَا مُؤْنَةٌ لَيْسَتْ لَهُمْ إذَا انْهَزَمُوا، أَوْ انْهَزَمَ الْمَقْتُولُ، وَلَا أَرَى أَنْ يُعْطَى السَّلْبَ إلَّا مَنْ قَتَلَ مُشْرِكًا مُقْبِلًا، وَلَمْ يَنْهَزِمْ جَمَاعَةُ الْمُشْرِكِينَ، وَإِنَّمَا ذَهَبْت إلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ أَنَّهُ أَعْطَى السَّلَبَ قَاتِلًا قَتَلَ مُقْبِلًا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ سَلَبُهُ» يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعْدَمَا قَتَلَ أَبُو قَتَادَةَ الرَّجُلَ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي هَذَا فَقَالَ: لَا يَكُونُ لِلْقَاتِلِ السَّلَبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقِتَالِ مِنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ، وَهَذَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَنَا حُكْمٌ، وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ اشْتَرَكَ نَفَرٌ فِي قَتْلِ رَجُلٍ كَانَ السَّلَبُ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَجُلًا ضَرْبَةً لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهَا، أَوْ ضَرْبَةً يَكُونُ مُسْتَهْلَكًا مِنْ مِثْلِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ، أَوْ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَقْتُلُهُ آخَرُ كَانَ السَّلَب لِقَاطِعِ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَيَّرَهُ فِي حَالٍ لَا يَمْنَعُ فِيهَا سَلَبَهُ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ أَنْ يَذْفِفْ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَرَبَهُ وَبَقِيَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَهُ آخَرُ فَالسَّلَبُ لِلْآخَرِ إنَّمَا يَكُونُ السَّلَبُ لِمَنْ صَيَّرَهُ بِحَالٍ لَا يَمْتَنِعُ فِيهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالسَّلَبُ الَّذِي يَكُونُ لِلْقَاتِلِ كُلُّ ثَوْبٍ عَلَيْهِ وَكُلُّ سِلَاحٍ عَلَيْهِ وَمِنْطَقَتُهُ وَفَرَسُهُ إنْ كَانَ رَاكِبَهُ، أَوْ مُمْسِكُهُ فَإِنْ كَانَ مُنْفَلِتًا مِنْهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنَّمَا سَلَبُهُ مَا أُخِذَ مِنْ يَدَيْهِ، أَوْ مِمَّا عَلَى بَدَنِهِ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>