للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّلَفَ عَلَى الَّذِي يُسَلِّفُ، وَمَا كَرِهْت مِنْ شِرَاءِ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ سَيِّدِهِ وَوَالِدِهِ وَلَا أَكْرَهُهُ لِسَيِّدِهِ

قُطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ أَتَاهُ قَبْلَ تَحِلَّ نُجُومُهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَهُ أَوْ يَضَعَ عَنْهُ مِنْهُ شَيْئًا وَيُعَجِّلَ لَهُ الْعِتْقَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ نُجُومُهُ غَيْرَ حَالَّةٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَهَا حَالًّا عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي فَيَعْتِقَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى حُرٍّ أَنْ يَتَعَجَّلَ بَعْضَهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَضَعَ لَهُ بَعْضًا فَإِنْ فَعَلَ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ رَدَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَلَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ، وَإِنْ فَعَلَ هَذَا عَلَى أَنْ يُحْدِثَ لِلْمُكَاتَبِ عِتْقًا فَأَحْدَثَهُ لَهُ فَالْمُكَاتَبُ حُرٌّ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ كَمَا قُلْت فِي أَصْلِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا بَطَلَتْ بِالْعِتْقِ وَيَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَمَا وَصَفْت.

فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَصِحَّ هَذَا لَهُمَا فَلْيَرْضَ الْمُكَاتَبُ بِالْعَجْزِ وَيَرْضَ السَّيِّدُ مِنْهُ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَالْكِتَابَةُ بَاطِلَةٌ، وَالْعِتْقُ عَلَى مَا أَخَذَ مِنْهُ جَائِزٌ لَا يَتَرَاجَعَانِ فِيهِ بِشَيْءٍ.

(قَالَ): وَلَوْ كَاتَبَهُ بِعَرَضٍ فَأَرَادَ أَنْ يُعَجِّلُ دَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وَضَعَ عَنْهُ لِيُعَجِّلَهُ الْعِتْقَ فَكَانَ مَا يُعَجِّلُ مِنْهُ مَقْسُومًا عَلَى عِتْقِ مَنْ لَا يَمْلِكُهُ بِكَمَالِهِ، وَعَلَى شَيْءٍ مَوْصُوفٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ تُعْلَمْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْهُ شَيْئًا لَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ، وَهَكَذَا إنْ كَاتَبَهُ بِشَيْءٍ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِهِ شَيْئًا غَيْرَهُ لَا يَخْتَلِفُ، وَلَوْ حَلَّتْ نُجُومُهُ كُلُّهَا، وَهِيَ دَنَانِيرُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا مِنْهُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضًا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَيَقْبِضُهُ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا كَانَ جَائِزًا وَكَانَ حُرًّا إذَا قَبَضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ بَرِيءٌ مِمَّا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حُرٍّ دَنَانِيرُ حَالَّةٌ فَأَخَذَ بِهَا مِنْهُ عَرَضًا أَوْ دَرَاهِمَ يَتَرَاضَيَانِ بِهَا وَقَبَضَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَتَرَاجَعَا بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَتْ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى السَّيِّدِ مِائَةُ دِينَارٍ حَالَّةٌ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ نُجُومِهِ حَالَّةٌ فَأَرَادَ الْمُكَاتَبُ وَالسَّيِّدُ أَنْ تُجْعَلَ الْمِائَةُ الَّتِي لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ قِصَاصًا بِالْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ دَيْنُهُ عَلَيْهِ عَرَضًا وَكِتَابَتُهُ نَقْدًا وَلَوْ كَانَتْ كِتَابَتُهُ دَنَانِيرَ وَدَيْنُهُ عَلَى سَيِّدِهِ دَنَانِيرَ حَالَّةً فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ كِتَابَتَهُ قِصَاصًا بِمِثْلِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ بَيْعٍ إنَّمَا هُوَ مِثْلُ الْقَضَاءِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِينَارٍ، وَحَلَّتْ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ الْمِائَةَ الَّتِي عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَهُ عَلَى الرَّجُلِ لَمْ يَجُزْ، وَلَكِنْ إنْ أَحَالَهُ عَلَى الرَّجُلِ فَحَضَرَ الرَّجُلُ، وَرَضِيَ السَّيِّدُ أَنْ يَحْتَالَ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ جَازَ، وَيُبْرِئُهُ، وَلَيْسَ هَذَا بَيْعًا وَإِنَّمَا هُوَ حَوَالَةٌ، وَالْحَوَالَةُ غَيْرُ بَيْعٍ وَعَتَقَ الْعَبْدُ إذَا أَبْرَأهُ السَّيِّدُ، وَلَوْ أَعْطَاهُ بِهَا حَمِيلًا لَمْ تَجُزْ الْحَمَالَةُ عَنْ الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ حَلَّتْ عَلَى الْمُكَاتَبِ نُجُومُهُ فَسَأَلَ سَيِّدَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ وَيُؤَخِّرَهُ بِمَا عَلَيْهِ فَأَعْتَقَهُ كَانَ الْعِتْقُ جَائِزًا وَتَبِعَهُ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ النُّجُومُ إلَى أَجَلٍ فَسَأَلَ أَنْ يُعْتِقَهُ وَيَكُونَ دَيْنُهُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَيْهِ بِحَالِهِ جَازَ الْعِتْقُ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنًا بِحَالِهِ وَهَذَا كَعَبْدٍ قَالَ لِلسَّيِّدِ أَعْتِقْنِي وَلَك عَلَيَّ كَذَا حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ أَوْ آجَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>