للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ فَإِنْ اخْتَارُوا الدِّيَةَ وَسَأَلُوا أَنْ يُعْطُوا أَرْشَ الْجِرَاحَاتِ كُلِّهَا وَالنَّفْسِ أَوْ أَرْشَ الْجِرَاحَاتِ دُونَ النَّفْسِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ وَكَانَتْ لَهُمْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ تَكُونُ الْجِرَاحَاتُ سَاقِطَةٌ بِالنَّفْسِ إذَا كَانَتْ النَّفْسُ مِنْ الْجِرَاحَاتِ أَوْ بَعْضِهَا.

وَهَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَلَمْ تَلْتَئِمْ الْجِرَاحَةُ حَتَّى مَاتَ فَاخْتَارُوا الدِّيَةَ كَانَتْ لَهُمْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ بَرِئَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا أَوْ كَانَ غَيْرَ ضُمِّنَ مِنْ الْجِرَاحِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ أَوْ بَعْدَ الْتِئَامِهَا فَسَأَلَ وَرَثَتُهُ الْقِصَاصَ مِنْ الْجِرَاحِ أَوْ أَرْشَهَا كُلَّهَا أُخِذَ الْجَانِي بِالْقِصَاصِ أَوْ أَرْشِهَا كُلِّهَا وَإِنْ كَانَتْ دِيَاتٌ كَثِيرَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ نَفْسًا وَإِنَّمَا هِيَ جِرَاحٌ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْجَانِي وَوَرَثَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَالَ: الْجَانِي مَاتَ مِنْهَا وَقَالَ وَرَثَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ: لَمْ يَمُتْ مِنْهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ وَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَعَلَى الْجَانِي الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِنْهَا ضَمِنًا حَتَّى مَاتَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَثْبُتُ مَوْتُهُ مِنْهَا وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ وَآخَرُ رِجْلَهُ وَجَرَحَهُ آخَرُ، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: بَرِئَ مِنْ جِرَاحِ أَحَدِهِمْ وَمَاتَ مِنْ جِرَاحِ الْآخَرِ فَإِنْ صَدَّقَهُمْ الْجَانُونَ فَالْقَوْلُ مَا قَالُوا وَعَلَى الَّذِي مَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ الْأَرْشُ وَعَلَى الَّذِي بَرَأَتْ جِرَاحَتُهُ الْقِصَاصُ مِنْ الْجِرَاحِ أَوْ دِيَةُ الْجِرَاحِ وَإِنْ صَدَّقَهُمْ الَّذِي قَالَ إنَّ جِرَاحَهُ بَرَأَتْ وَكَذَّبَهُمْ الَّذِي قَالَ إنَّ جِرَاحَهُ لَمْ تَبْرَأْ فَقَالَ بَلْ مَاتَ مِنْ جِرَاحِ الَّذِي زَعَمْت أَنَّ جِرَاحَهُ بَرَأَتْ وَبَرَأْت جِرَاحِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَتْلُ أَبَدًا وَلَا النَّفْسُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْمَجْرُوحَ لَمْ يَزَلْ مَرِيضًا مِنْ جِرَاحِ الْجَارِحِ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ قَالَ مَاتَ مِنْ جِرَاحِنَا مَعًا فَمَنْ قَتَلَ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ جَعَلَ عَلَى الَّذِي أَقَرَّ الْقَتْلَ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُ الدِّيَةَ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفَهَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ مَاتَ مِنْ جِرَاحِنَا مَعًا. .

الْعِلَلُ فِي الْقَوَدِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَسَرَ الرَّجُلُ سِنَّ الرَّجُلِ مِنْ نِصْفِهَا سَأَلْت أَهْلَ الْعِلْمِ فَإِنْ قَالُوا نَقْدِرُ عَلَى كَسْرِهَا مِنْ نِصْفِهَا بِلَا إتْلَافٍ لِبَقِيَّتِهَا وَلَا صَدْعٍ أَقَدْته وَإِنْ قَالُوا: لَا نَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ نُقِدْهُ لِتَفَتُّتِهَا وَإِذَا قَلَعَ رَجُلٌ ظُفُرَ رَجُلٍ فَسَأَلَ الْقَوَدَ قِيلَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ: تَقْدِرُونَ عَلَى قَلْعِ ظُفُرِهِ بِلَا تَلَفٍ عَلَى غَيْرِهِ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ أُقِيدَ، وَإِنْ قَالُوا لَا فَفِي الظُّفُرِ حُكُومَةٌ وَإِنْ قَطَعَ الرَّجُلُ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ وَلَا ظُفُرَ لِلْمَقْطُوعَةِ أُنْمُلَتُهُ فَسَأَلَ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ ظُفُرُهَا مَقْطُوعًا قَطْعًا لَا يَثْبُتُ لَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا لِنَقْصِهَا عَنْ أُنْمُلَةِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَمَا كَانَ فِي سِنٍّ أَوْ ظُفُرٍ مِنْ عَوَارٍ لَا يُفْسِدُ الظُّفُرَ وَإِنْ كَانَ يَعِيبُهُ وَكَانَ لَا يُفْسِدُ السِّنَّ بِقَطْعٍ وَلَا سَوَادَ يَنْقُصُ الْمَنْفَعَةَ أَوْ كَانَ أَثَرُ قُرْحَةٍ خَفِيفًا كَانَ لَهُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ مَقْطُوعَ أُنْمُلَةٍ فَقَطَعَ رَجُلٌ أُنْمُلَتَهُ الْوُسْطَى، وَالْقَاطِعُ وَافِرُ تِلْكَ الْأُصْبُعِ فَسَأَلَ الْمَقْطُوعَةُ أُنْمُلَتُهُ الْوُسْطَى الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ لَهُ الْأُنْمُلَةَ الَّتِي مِنْ طَرَفٍ بِوُسْطَى وَلَا الْوُسْطَى فَتُقْطَعَ بِأُنْمُلَتِهِ الَّتِي قَطَعَ مِنْ طَرَفٍ وَلَمْ يَقْطَعْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ خِنْصَرٍ مِنْ طَرَفٍ مِنْ رَجُلٍ وَأُنْمُلَةَ خِنْصَرِ الْوُسْطَى مِنْ آخَرَ مِنْ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ جَاءَا مَعًا اقْتَصَّ مِنْهُ لِأُنْمُلَةِ الطَّرَفِ ثُمَّ اقْتَصَّ مِنْهُ أُنْمُلَةَ الْخِنْصَرِ الْوُسْطَى وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْوُسْطَى قَبْلَ صَاحِبِ الطَّرَفِ قِيلَ: لَا قِصَاصَ لَكَ وَقُضِيَ لَهُ بِالدِّيَةِ وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الطَّرَفِ فَقَطَعَ لَهُ الطَّرَفَ فَسَأَلَ الْمَقْضِيَّ لَهُ بِالدِّيَةِ رَدَّهَا إنْ كَانَ أَخَذَهَا أَوْ إبْطَالَهَا إنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْهَا، وَيَقْطَعُ لَهُ أُنْمُلَةَ الْوُسْطَى قِصَاصًا لَمْ يُجَبْ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ الْقِصَاصَ وَجَعَلَ أَرْشًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ وَسَطَ أُنْمُلَةِ رَجُلٍ الْوُسْطَى فَقُضِيَ لَهُ بِالْأَرْشِ، ثُمَّ انْقَطَعَ طَرَفُ أُنْمُلَتِهِ، فَسَأَلَ الْقِصَاصَ لَمْ يُقَصَّ لَهُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُ الْوُسْطَى حَتَّى انْقَطَعَ طَرَفُ أُنْمُلَتِهِ أَوْ قُطِعَ بِقِصَاصٍ كَانَ لَهُ الْقِصَاصُ. وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ الرَّجُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>