للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَمْسَةَ آصُعَ ثُمَّ نَفَذَ الرُّطَبُ كَانَتْ لَهُ الْخَمْسَةُ آصُعَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهَا حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ فَانْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الرُّطَبِ فَرَدَّ إلَيْهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا مَذْهَبٌ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. وَلَوْ سَلَّفَهُ فِي رُطَبٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ بُسْرًا، وَلَا مُخْتَلِفًا، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رُطَبًا كُلَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا صِحَاحًا غَيْرَ مُنْشَدِخٍ، وَلَا مَعِيبٍ بِعَفَنٍ، وَلَا عَطَشٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا نَضِيجًا غَيْرَ مَعِيبٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ يُسَلِّفُ فِيهَا فَلَا يَأْخُذُ إلَّا صِفَتَهُ غَيْرَ مَعِيبَةٍ.

قَالَ: وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ أَسْلَفَهُ فِيهِ لَمْ يَأْخُذْهُ مَعِيبًا إنْ أَسْلَفَ فِي لَبَنٍ مَخِيضٍ لَمْ يَأْخُذْهُ رَائِبًا، وَلَا مَخِيضًا وَفِي الْمَخِيضِ مَاءٌ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ وَالْمَاءُ غَيْرُ اللَّبَنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَسْلَفَهُ فِي شَيْءٍ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ مَعِيبًا وَالْعَيْبُ مِمَّا قَدْ يَخْفَى فَأَكَلَ نِصْفَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ كَأَنْ كَانَ رُطَبًا فَأَكَلَ نِصْفَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَ الرُّطَبِ مَعِيبًا وَغَيْرَ مَعِيبٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَيْبِ وَالْمُشْتَرَى قَائِمٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَسْتَهْلِكْهُ فَقَالَ: دَفَعْته إلَيْك بَرِيئًا مِنْ الْعَيْبِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ دَفَعْته مَعِيبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَتْلَفَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا أَتْلَفْت مِنْهُ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَمَا بَقِيَ مَعِيبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا وَاحِدًا لَا يَفْسُدُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِفَسَادِهِ كُلِّهِ كَبِطِّيخَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ دُبَّاءَةٍ وَاحِدَةٍ. وَكُلُّ مَا قُلْت الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ فِيهِ الْيَمِينُ.

كِتَابُ الرَّهْنِ الْكَبِيرِ - إبَاحَةُ الرَّهْنِ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}، وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ الْأَمْرُ بِالْكِتَابِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَذَكَرَ اللَّهُ - تَبَارَكَ اسْمَهُ - الرَّهْنَ إذَا كَانُوا مُسَافِرِينَ، وَلَمْ يَجِدُوا كَاتِبًا فَكَانَ مَعْقُولًا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِيهَا: أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْكِتَابِ وَالرَّهْنِ احْتِيَاطًا لِمَالِكِ الْحَقِّ بِالْوَثِيقَةِ وَالْمَمْلُوكُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَنْسَى وَيَذْكُرَ لَا أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكْتُبُوا، وَلَا أَنْ يَأْخُذُوا رَهْنًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْوَثِيقَةَ فِي الْحَقِّ فِي السَّفَرِ وَالْإِعْوَازِ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي الْحَضَرِ وَغَيْرِ الْإِعْوَازِ، وَلَا بَأْسَ بِالرَّهْنِ فِي الْحَقِّ الْحَالِّ وَالدَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَمَا قُلْت مِنْ هَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهَنَ دِرْعَهُ فِي الْحَضَرِ عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ» وَقِيلَ فِي سَلَفٍ وَالسَّلَفُ حَالٌّ (قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>