وَأَنَّا لَا نَسْأَلُ عَنْ عَدْلِهِمَا، وَلَوْ عَرَفْنَا عَدْلَهُمَا كَانَ مِثْلَ جَرْحِهِمَا فِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمَا فِي أَنَّ هَذَا لَمْ يَبْلُغْ وَأَنَّ هَذَا مَمْلُوكٌ وَفِي الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشَّرْطِ الَّذِي أُمِرْنَا بِقَبُولِهِ فَإِذَا صَارُوا إلَى الشَّرْطِ الَّذِي أُمِرْنَا بِقَبُولِهِ قَبِلْنَاهُمْ مَعًا وَكَانُوا كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ إلَّا فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَأَمَّا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ فِي الشَّيْءِ، ثُمَّ تَحْسُنُ حَالُهُ فَيَشْهَدُ بِهَا فَلَا نَقْبَلُهَا؛ لِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا بِإِبْطَالِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَنَا حِينَ شَهِدَ فِي مَعَانِي الشُّهُودِ الَّذِينَ يُقْطَعُ بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى اخْتَبَرْنَا أَنَّهُ مَجْرُوحٌ فِيهَا بِعَمَلِ شَيْءٍ، أَوْ كَذِبٍ فَاخْتُبِرَ فَرَدَدْنَا شَهَادَتَهُ فَلَا نُجِيزُهَا وَلَيْسَ هَكَذَا الْعَبْدُ وَلَا الصَّبِيُّ وَلَا الْكَافِرُ أُولَئِكَ كَانُوا عُدُولًا، أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ فَفِيهِمْ عِلَّةٌ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ الشَّرْطِ وَهَذَا مِنْ الشَّرْطِ إلَّا بِأَنْ يُخْتَبَرَ عَمَلُهُ، أَوْ قَوْلُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
شَهَادَةُ النِّسَاءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مَالٍ يَجِبُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ شَهَادَتِهِنَّ شَيْءٌ وَإِنْ كَثُرْنَ إلَّا وَمَعَهُنَّ رَجُلٌ شَاهِدٌ وَلَا يَجُوزُ مِنْهُنَّ أَقَلُّ مِنْ اثْنَتَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ فَصَاعِدًا وَلَا نُجِيزُ اثْنَتَيْنِ وَيَحْلِفُ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَجَازَهُمَا فِيهِ مَعَ شَاهِدٍ يَشْهَدُ بِمِثْلِ شَهَادَتِهِمَا لِغَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}، فَأَمَّا رَجُلٌ يَحْلِفُ لِنَفْسِهِ فَيَأْخُذُ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي حَيْثُ لَا يَرَى الرَّجُلُ مِنْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ يُجَزْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ وَلَا يَجُوزُ مِنْهُنَّ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعٍ إذَا انْفَرَدْنَ قِيَاسًا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِنَّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ اثْنَتَيْنِ تَقُومَانِ مَعَ رَجُلٍ مَقَامَ رَجُلٍ وَجَعَلَ الشَّهَادَةَ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ انْفَرَدْنَ فَمَقَامُ شَاهِدَيْنِ أَرْبَعٌ وَهَكَذَا كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْوَكَالَاتِ وَلَا الْوَصِيَّةِ وَلَا مَا عَدَا مَا وَصَفْتُ مِنْ الْمَالِ وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ النِّسَاءِ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْعِتْقِ، وَالْوَلَاءِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْحُدُودِ، وَالْعَتَاقِ وَكُلِّ شَيْءٍ بِغَيْرِ شَاهِدٍ وَبِشَاهِدٍ فَإِنْ نَكَلَ رَدَدْتُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَأَخَذْتُ لَهُ بِحَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي لَمْ آخُذْ لَهُ شَيْئًا وَلَا أُفَرِّقُ بَيْنَ حُكْمِ هَذَا وَبَيْنَ حُكْمِ الْأَمْوَالِ.
شَهَادَةُ الْقَاضِي
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَأَقَرَّ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ الْإِقْرَارُ عِنْدَهُ أَثْبَتَ مِنْ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ كُلُّ مَنْ يَشْهَدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَهُ بِزُورٍ، وَالْإِقْرَارُ عِنْدَهُ لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ.
وَأَمَّا الْقُضَاةُ الْيَوْمَ فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهَذَا كَرَاهِيَةَ أَنْ أَجْعَلَ لَهُمْ سَبِيلًا إلَى أَنْ يَجُورُوا عَلَى النَّاسِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
رُؤْيَةُ الْهِلَالِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا يُلْزِمُ الْإِمَامُ النَّاسَ أَنْ يَصُومُوا إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَكَذَلِكَ لَا يُفْطِرُونَ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ صَامُوا بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِمْ فِي الصِّيَامِ إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute